(مُعَقِّباتٌ) : حفظة يعقبون الإنسان في مسيره إلى الله.
* * *
صفات الله من خلال عظمة الخلق والامتداده
كيف يتصور الإنسان الله ، وكيف يحاول الوصول إلى أجواء المعرفة وحدودها؟ هل يستغرق في ذات الله ليتعرف حقيقته وكنهه؟ أو ينصرف إلى صفاته التي تتجلى في طبيعة الألوهية ومفهومها وفي عظمة الخلق وامتداده؟
إن القرآن يدفعنا إلى النهج الثاني ، لأن الاستغراق في ذات الله لا يؤدي إلى أية نتيجة في حساب المعرفة ، لأنه ـ سبحانه ـ لا يخضع في وجوده للحس ليعرفه الناظرون واللامسون ، بل هو فوق الحس كله ، يحيط بالأشياء ولا يحيط به شيء فلا مجال لتحديد حقيقته ، لأنها لا حدود لها ، ولا مجال لمعرفتها لأنه لا سبيل إليها. فلا بد من أن نعرف الله في آثار خلقه ، ومظاهر عظمته ، ومواقع نعمته ، وهذا ما أرادت هذه الآيات أن تثيره في وعي الإنسان ووجدانه من تصور للألوهية في اعتقاد الإنسان بالله.
(اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) فهو الذي أبدع سر الخلق في وجود الإنسان في أحشاء أمه ، ومن البديهي أن يحيط علما بكل شيء يتصل بمن خلق ، فهو اللطيف الخبير.
(وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ) لعل المراد بما تغيض الأرحام : ما تنقصه فلا يعود شيئا ، وهو السقط الذي يقل حمله عن ستة أشهر ، فيسقط قبل أن يكتمل نموه ، والمقصود ب «ما تزداد» : ما يولد لأكثر من تسعة أشهر ، ويرى صاحب الميزان : أن الأنسب للمعنى اللغوي ـ الذي ذكره الراغب في المفردات ، من أن كلمة (تَغِيضُ الْأَرْحامُ) أي تفسده الأرحام ، فتجعله كالماء