وعينه بل هما خلاف الوجه والعيون سواهما]. وزعم بعض الصفاتية أن الوجه والعين المضافين إلى الله تعالى صفات له. والصحيح عندنا أن وجهه ذاته وعينه رؤيته للأشياء. وقوله : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) (١) معناه ويبقى ربك ولذلك قال (ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٢). بالرفع لأنه نعت الوجه ولو أراد الإضافة لقال ذي الجلال والإكرام بالخفض. وقوله : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) (٣) أي على رؤية مني كما قال : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) (٤). وقوله في سفينة نوح : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) (٥) ، أراد بها العيون التي جرت بها السفينة من الماء لأنه قال : (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) (٦) ، فجرت السفينة بتلك العيون المفجرة والمراد بقوله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٧) ، بطلان كل عمل لم يقصد به وجه الله تعالى [خلاف البيانيّة من الغلاة في دعواها أن كل شيء من الإله يفنى إلا وجهه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا].
المسألة الرابعة عشرة من هذا الأصل
في تأويل اليد المضافة إلى الله تعالى
[اختلفوا في هذه المسألة فزعمت المشبهة] أن يدي الله تعالى جارحتان وعضوان فيهما كفان وأصابع [ككفّي الإنسان وأصابعه]. وزعم بعض القدرية أن اليد المضافة إليه بمعنى القدرة. هذا التأويل لا يصح على مذهبه مع قوله إنّ الله تعالى قادر بنفسه بلا قدرة. [وزعم الجبائي أن اليد المضافة إليه بمعنى النعمة. وهذا خطأ لأن الله تعالى أخبر أنه خلق آدم بيديه والنعمة مخلوقة والله لا يخلق مخلوقا بمخلوق ولأن الله تعالى خص آدم بهذه الخاصية ولا يجوز عند الجبائي تخصيص بعض المكلفين بنعمة دون بعضهم فبطل تأويله من هذين الوجهين. وزعم بعض القدرية أن اليدين في قوله تعالى
__________________
(١) سورة الرحمن آية ٢٧. (٢) سورة طه آية ٣٩. (٣) سورة طه آية ٤٦. (٤) سورة القمر آية ١٤. (٥) سورة القمر آية ١١ و ١٢. (٦) سورة القصص آية ٨٨.