وبناه على أصل في أن الأعراض لا تدرك بالحواس. والذي يصح عندنا في هذه المسألة قول القلانسي وعليه أكثر الأمة].
المسألة الخامسة من هذا الأصل
في رؤية الإله ومرئياته
قال أصحابنا : [أجمع أهل الحق على] أن الله راء برؤية أزلية يرى بها جميع المرئيات [و] لم يزل رائيا لنفسه. واختلف أصحابنا فيما يجوز كونه مرئيا : فقال أبو الحسن الأشعري يجوز رؤية كل موجود [وأحال رؤية المعدوم]. وقال عبد الله بن سعيد والقلانسي بجواز رؤية ما هو قائم بنفسه (١) ومنعا من رؤية الأعراض. وزعم البغداديون من المعتزلة أن الله لا يرى شيئا ولا يرى [وتأولوا ما في القرآن من ذكر رؤيته وبصره على معنى إنه عالم بالأشياء] وقالوا إن وصفنا بأنه رأى شيئا ما فمعناه إنه عالم به. وزعم البصريون منهم أن الله يرى غيره ولا يرى نفسه ويستحيل أن يكون مرئيا. ثم إن النظام منهم زعم أنه لا مرئي إلا اللون واللون عنده جسم. وزعم الجبائي أن المرئيات جواهر وألوان وأكوان. وزعم ابنه أبو الهاشم أن المرئيات جنسان جواهر وألوان. ودليلنا على رؤية الأعراض التمييز بالبصر بين الأسود والأبيض وبين المجتمع والمفترق. وفي هذا دليل على إدراك الألوان والأكوان بالبصر. وقول من زعم أن الله عزوجل يرانا ولا يرى نفسه كقول من زعم أنه يعلم غيره ولا يعلم نفسه. والدليل على جواز كونه مرئيا [وجوده لأنا نرى المرئيات في الشاهد ولم يجز أن يكون جواز رؤية الجوهر لكونه جوهرا] إنا سبرنا المرئيات فلم يكن جواز رؤية الجوهر لكونه جوهرا أو قائما بنفسه لأنا نرى اللون وليس بجوهر ولا قائم بنفسه. ولم يكن جواز رؤية اللون لكونه لونا ولا لكونه عرضا لأنا نرى الأجسام وليست بألوان ولا أعراض. ولم يكن جواز رؤية الشيء لكونه معلوما أو مذكورا لأن ذلك يوجب جواز رؤية المعدوم. ولم يكن جواز رؤية الشيء الحادث لكونه حادثا لأن من يقول بذلك يلزمه إجازة رؤية كل حادث وذلك
__________________
(١) [وأحالا رؤية].