فعله أو كان في رفعه إثبات نقص له أو ما كان [إثباته شرطا في صفة سواه] شرطا في صفة له. فصفاته التي تدل عليها أفعاله القدرة والعلم والإرادة. لأن وقوع الفعل منه دليل على قدرته وترتيب أفعاله دليل على علمه واختصاص فعله بحال دون حال دليل على قصده وإرادته. وأما صفته المشروطة لصفة سواها فحياته التي هي شرط قدرته وعلمه وإرادته. والصفات الواجبة لأجل نفي النقائص عنه فالسمع والبصر والكلام لنفي السكوت والصمم والعمى عنه وليس اللون والطعم والرائحة مما يدل عليه فعل ولا هو مما يكون شرطا في صفة سواه ولا ينفي نقصا مخصوصا فلذلك لم يجوّز وصف الله به.
المسألة التاسعة من هذا الأصل
في إحالة الآفات والسرور والغم عليه
أجمع الموحدون على نفي الآفات والغموم والآلام واللذات عن الله تعالى. وحكي عن أبي أشعث وابن شعيب الناسك أنهما أجازا عليه السرور والغم والتعب والاستراحة. وأجازت الهشامية من الرافضة عليه الحركة. وزعم بعضهم أن إرادته من حركاته. وهؤلاء مضاهون للمجوس الذين زعموا أن الإله اهتمّ لما تفكر في خروج ضد له فتولّد من اهتمامه الشيطان. واستدل من أجاز ذلك عليه بما روي : أن الله تعالى خلق الخلق في ستة أيام واستراح يوم السبت (وقال اليهود :) (١) يستريح في السبت لذلك. وفي الحديث : «أن الله تعالى لا يملّ حتى تملوا» وفي حديث آخر : «لله أفرح بتوبة العبد من الواجد ضالّته». وروي : أن الله تعالى يضحك إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر وكلاهما يدخل الجنة. واستدلوا بقوله تعالى : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) (٢). واستدلوا في الحياء بقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ) (٣). وفي الحديث : إن الله يستحي أن يرفع العبد إليه يديه فيردهما
__________________
(١) وردت في المطبوع «وقالوا أن اليهود».
(٢) سورة التوبة آية ٦٧.
(٣) سورة البقرة آية ٢٦.