يدوم عقابهم وجميع مخالفيهم على أنهم من أهل النار فصاروا عن هذه الجهة شرّ الفرق عند الأمة.
المسألة الثانية عشرة من هذا الأصل
في بيان حكم البكرية والضرارية
أما البكرية فأتباع بكر ابن أخت عبد الواحد بن زيد وكان يوافق النظّام في أن الإنسان غير الجسد ووافق أصحابنا في إبطال القول بالتولد وانفرد بأشياء ، أكفرته الأمة فيها ، منها قوله : إنّ الله يرى في القيامة في صورة يخلقها وإنه يكلم عباده في تلك الصورة. ومنها قوله في الكبائر : إنها نفاق وإن صاحب الكبيرة من أهل القبلة منافق وعابد للشيطان وإنه مع كونه منافقا مكذب لله تعالى جاحد له وإنه في الدرك الأسفل من النار مخلد فيها وهو مع ذلك مسلم مؤمن. ثم إنّه طرد قوله في هذه البدعة بأن قال في علي وطلحة والزبير : إنّ ذنوبهم كانت كفرا وشركا غير أنهم مغفور لهم لورود الخبر بأن الله تعالى أطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. ومنها قوله في الأطفال : إنهم لا يألمون في المهد وإن قطعوا وأحرقوا ولعلهم يكونون عند ضربهم متلذّذين وإن صاحوا وقال : لو لحقهم الألم بلا جرم منهم لكان ذلك ظلما من الله تعالى. ومنها قوله بتحريم أكل الثوم والبصل ووجوب الوضوء من قرقرة البطن وهذه بدع قد أكفرتها الأمة فيها. وأما الضرارية فأتباع ضرار ابن عمرو وقد وافق أصحابنا في أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى وفي إبطال القول بالتولد. ووافق المعتزلة في أن الاستطاعة قبل الفعل وزاد عليهم القول بأنها مع الفعل أيضا وإنها بعض المستطيع ووافق النجّار في أن الجسم أعراض مجتمعة من لون وطعم ورائحة وحرارة أو ضدها ونحو ذلك من الأعراض التي لا يخلو منها الجسم. وانفرد بأشياء منها قوله : إنّ الله يرى بحاسة [زائدة] يرى بها المؤمنون ماهية الإله ووصف الله بالماهية كما قال أبو حنيفة وحفص الفرد ومنها أنه أنكر حرف أبيّ بن كعب وحرف ابن مسعود في القرآن [وقال] إنّ الله لم ينزلهما ونسب هذين الإمامين إلى الضلال في مصحفيهما. ومنها أنه شك في جميع عامة المسلمين وقال لا أدري لعل سرائر العامة كلها كفر وشرك. وأكفرته