الجزء (١) وأبطل بذلك إحصاء الباري تعالى لأجزاء العالم وعلمه بكمّية أجزائه. وزعم أن الإنسان هو الروح وأن أحدا ما رأى إنسانا قط وإنما رأى قالبه وزعم أن الأعراض كلها حركات وأنّها جنس واحد وأنّ الإيمان من جنس الكفر وأنّ فعل النبي صلىاللهعليهوسلم من جنس فعل إبليس وقال بالطفرة وادعى حشر الكلاب والخنازير وسائر السباع الهمج إلى الجنة وأنكر وقوع الطلاق بالكنايات وإن قارنتها نية الطلاق. وزعم المعروف منهم بمعمّر أن الله تعالى ما خلق لونا ولا طعما ولا رائحة ولا حرارة ولا برودة ولا رطوبة ولا يبوسة ولا حياة ولا موتا ولا صحة ولا سقما ولا قدرة ولا عجزا ولا ألما ولا لذة ولا شيئا من الأعراض وإنما خلق الأجسام فقط وخلقت الأجسام الأعراض في أنفسها وزعم أن الإنسان غير هذا الجسد وأنّه عالم حكيم مدبر للجسم (٢) وليس بمتحرك ولا ساكن ولا ذي لون ووزن ولا حالا في الجسد ولا متمكنا فيه ولكنه مدبر له. فوصف الإنسان بما يصف به ربه عزوجل وقال مع ذلك بإثبات أعراض لا نهاية لها وأنّ كل عرض يحل محله لمعنى سواه لا إلى نهاية. وزعم المعروف منهم ببشر بن المعتمر أن الإنسان قد يخلق الألوان والطعوم والروائح والرؤية والسمع والبصر وسائر الإدراكات على سبيل التولد. وزعم الجاحظ منهم أن لا فعل للإنسان إلّا إرادة وأنّ المعارف كلها ضرورية ومن لم يضطر إلى معرفة الله لم يكن مكلّفا ولا مستحقا للعقاب. وزعم أيضا أن الله لا يدخل أحدا النار وإنما النار تجذب أهلها إلى نفسها وتمسكهم فيها على التأبيد بطبعها. وزعم ثمامة أن المعارف ضرورية وأن عامة الدهرية وسائر الكفرة يصيرون في الآخرة ترابا لا يعاقب واحد منهم. وحرّم السبي واستفراش (٣) الإماء وقال بأن الأفعال المتولدة لا فاعل لها. وزعم البغداديون منهم أن الله لا يرى شيئا ولا يسمع شيئا إلا على معنى العلم بالمسموع والمرئي. وزعم الجبّائي منهم أن الله مطيع عباده
__________________
(١) [الجسم].
(٢) [الجسد].
(٣) [استرقاق].