الإله هو الأول الذي خلق شيئا ثانيا فهو مع الثاني مدبّران للعالم وهذا بعينه قول المجوس : إنّ الإله خلق الشيطان ثم إنّه مع الشيطان مدبران للعالم فهو مدبر الخيرات والشيطان مدبر الشرور. وقالوا في النبوات برفع المعجزات الناقضات للعادات وأنكروا نزول الملائكة من السماء. وقالوا (١) الملائكة على دعاتهم إلى بدعتهم وزعموا أن كبراءهم هم المسمّون بجبرائيل وميكائيل وإسرافيل. وتأولوا الشياطين على مخالفيهم وزعموا أن علماء مخالفيهم هم الأبالسة. وقالوا إن الأنبياء ساسة احتالوا للزعامة على العامة بالنواميس وكل واحد منهم صاحب دور ، إذا مضى من دوره سبعة انقضى دوره واستؤنف بغير أمره وقالوا في تأويل الصلاة إنّها الثناء على الإمام والزكاة دفع الخمس إليه والصوم الإمساك عن إفشاء أسرارهم عند مخالفيهم والزنا إفشاء أسرارهم بغير عهد. وأسقطوا العبادات [والحدود] وأباحوا الخمر ونكاح ذوات المحارم وهذا هو التمجّس بعينه. واختلف أصحابنا في حكمهم : فمنهم من قال هم مجوس وأجاز أخذ الجزية منهم وحرم ذبائحهم ونكاحهم. ومنهم من قال حكمهم حكم المرتدين ، إن تابوا وإلّا قتلوا. وهذا هو الصحيح عندنا. وقال مالك في الباطني والزنديق إن جاءا تائبين ابتداء قبلنا التوبة منهما وإن أظهرا التوبة بعد العثور عليهما لم يقبل التوبة منهما. وهذا هو الأحوط فيهم.
المسألة السادسة من هذا الأصل
في حكم الغلاة من الروافض
هؤلاء فرق : إحداها البيانية الذين ادعوا (٢) أن الله على صورة إنسان وأنه يفنى كله إلّا وجهه. وزعموا أن بيان بن سمعان تحوّل إليه روح الإله فصار إلها.
والفرقة الثانية منهم المغيرية الذين زعموا أن الله له أعضاء على صور حروف الهجاء وشبّهوا الهاء بالفرج وزعموا أن الله تعالى خلق الشمس والقمر من عيني
__________________
(١) [وتأولوا].
(٢) [زعموا].