المسألة الثالثة من هذا الأصل
في عدد الأئمة في كل وقت
اختلف الموجبون للامامة في عدد الأئمة في كل وقت : فقال أصحابنا لا يجوز أن يكون في الوقت الواحد إمامان واجبا الطاعة وإنما تنعقد إمامة واحد في الوقت ويكون الباقون تحت رايته. وإن خرجوا عليه من غير سبب يوجب عزله فهم بغاة إلّا أن يكون بين البلدين بحر مانع من وصول نصرة أهل كل واحد منهما إلى الآخرين فيجوز حينئذ لأهل كل واحد منهما عقد الإمامة لواحد من أهل ناحيته. وقالت الرافضة : لا يجوز أن يكون في الوقت الواحد إمامان ناطقان. ويصح أن يكون في الوقت إمامان أحدهما ناطق والآخر صامت. وزعموا أن الحسين بن علي كان صامتا في وقت الحسن ثم نطق بعد موته. وزعم قوم من الكرّامية أنه يجوز أن يكون في وقت واحد إمامان وأكثر. وقالت جماعة منهم إنّ عليّا ومعاوية كانا إمامين في وقت واحد إلا أن عليّا كان إماما على وفق السنة وكان معاوية إماما على خلاف السنة وكان واجبا على أتباع كل واحد منهما طاعة صاحبها. فيا عجبا من طاعة واجبة في خلاف السنة. ولو جاز إمامان وأكثر لجاز أن ينفرد كل ذي صلاح بالإمامة فيكون كل واحد منهم بولاية محلته وعشيرته. وهذا يؤدي إلى سقوط فرض الإمامة من أصلها.
المسألة الرابعة من هذا الأصل
في بيان جنس الإمام وقبيلته
اختلفوا في هذه المسألة : فقال أصحابنا إنّ الشرع قد ورد بتخصيص قريش بالإمامة ودلت الشريعة على أن قريشا لا تخلو ممن يصلح للإمامة فلا يجوز إقامة الإمام للكافّة من غيرهم. وقد نص الشافعي رضي الله عنه على هذا في بعض كتبه. وكذلك رواه زرقان عن أبي حنيفة. وقالت الضرارية بصلاح الإمامة في غير قريش مع وجود من يصلح لها من قريش. وزعم الكعبيّ أن القرشي أولى بها من الذي يصلح لها من غير قريش ، فإن خافوا الفتنة جاز عقدها لغيره. وقال ضرار :