كل من شهد أحدا إلا رجلا اسمه قزمان وهو الذي قتل نفسه لما لحقه ألم الجراح. وكذلك كل من كان مع النبي صلىاللهعليهوسلم يوم الحديبية فهو من أهل الجنة غير رجل واحد كان على جمل أورق فإن النبي صلىاللهعليهوسلم استثناه منهم. وقالوا في سبعين ألفا من هذه الأمة يدخلون الجنة بلا حساب كل واحد منهم يشفع في سبعين ألفا منهم عكاشة بن محصن. وقالوا في أويس القرني (١) رضي الله عنه إنّه من أهل الجنة لورود الخبر ، بأنه خير التابعين. وقالوا في الحسن والحسين وأولاد النبي صلىاللهعليهوسلم من صلبه : إنهم في الجنة. وكذلك محمد بن علي الباقر لخبر روي عن جابر أنه أبلغه سلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكذلك أزواجه كلهن في الجنة معه كما ورد به الخبر. وقالوا في الأئمة الذين تدور عليهم الفتاوى في الحلال والحرام ، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كمالك والشافعي والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة وسائر من خاض في بيان أحكام الشريعة ولم يشب مذهبه بدعة من بدع الخوارج والرافضة أو القدرية أو الجهمية أو النجارية أو المشبهة الجسمية ، إنهم كلهم من أهل الإيمان لإجماع الأمة على موالاتهم وترك تفسيقهم. وأرادوا بهذا الإجماع إجماع أهل السنة دون إجماع أهل الأهواء فإن من أهل الأهواء من كفّر الصحابة كلهم بعد النبي صلىاللهعليهوسلم بتركهم عليّا (٢) وكفر عليّا بتركه قتالهم كما ذهب إليه الكاملية. ومنهم من كفر أهل السنة وسائر مخالفيه كما نثبته (٣) بعد هذا. وقلنا في عوام المسلمين وكل من لم نعرف منه بدعة إنه على ظاهر الإيمان وحكمه حكم المؤمنين والله أعلم بعاقبة أمره ونستثني في إيمان كل من لم نعلم عاقبة أمره والله أعلم.
__________________
(١) [هو أويس بن عامر المرادي القرني ذو المناقب الشهيرة من أمر النبي صلىاللهعليهوسلم عمر وعليا إذا لقياه أن يطلبا منه الدعاء ، وهو سيد زهاد زمنه ، كان يلتقط ما على المزابل فإذا نبحه كلب قال : كل مما يليك وآكل مما يليني إن تجاوزت الصراط فأنا خير منك وإلا فأنت خير مني. وجد في قتلى أصحاب علي سنة سبع وثلاثين].
(٢) [بيعة علي].
(٣) [بنينه].