والمنجمين. وزعم النظام أن الإعجاز في القرآن من جهة ما فيه من الأخبار عن الغيوب ولا إعجاز في نظمه. وزعم مع أكثر القدرية أن الناس قادرون على مثل القرآن وعلى ما هو أبلغ منه في الفصاحة والنظم. وقد أكذبهم الله عزوجل في ذلك بأن تحدى المشركين بأن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ولا يكون في الافتراء تحقيق غيب فدل على أنه إنما أراد به تحقيق إعجازه من جهة النظم والفصاحة. فإن قيل إذا كانت فصاحة القرآن لا يعرفها إلّا العرب فكيف عرفت العجم وجه الإعجاز فيه. قيل إذا علمت العجم أن العرب أهل اللسان وقد عجزوا عن معارضته فيه علموا كونه معجزا كما أن السحرة لما عجزت عن معارضة موسى في عصاه عرف غيرها وجه الإعجاز في العصا وأنها ليست بسحر لأنها لو كانت سحرا لعارضته السحرة بمثلها. كذلك العجم يعلم أن القرآن لو كان من جنس كلام البشر لقدر على مثله أهل اللغة.
المسألة الخامسة عشرة من هذا الأصل
في كرامات الأولياء
أنكرت القدرية كرامات الأولياء على وجه ينقض العادة وأثبتها الموحدون لاستفاضة الخبر عن صاحب سليمان في إتيانه بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف إليه. ومنها رؤية عمر رضي الله عنه على منبره بالمدينة جيشه بنهاوند ، حتى قال : يا سارية الجبل وسمع سارية ذلك الصوت على مسافة زهاء خمسمائة فرسخ حتى صعد الجبل وفتح منه الكمين للعدو وكان ذلك سبب الفتح. ومنها قصة سفينة مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع الأسد. وقصة عمير الطائي مع الذيب حتى قيل له كليم الذيب وقصة أهبان بن صيفي وأبي ذر الغفاري مع الوحش وما أشبه ذلك كثير مما حرمه أهل القدر بشؤم بدعتهم. وليس في جوازها قدح في النبوات لأن الناقض للعادة دلالة على الصدق فتارة يدل على الصدق في دعوى النبوة وتارة يدل على الصدق في الحال. فإن ألزمونا مثلها في بعض الرعايا أو في بعض الفسقة. قلنا إن ظهر عليه شيء منها كانت مغوثة له في محنة يخلصه الله تعالى بها منها ولم نسمها كرامة وصار الخلاف في التسمية دون المعنى والله أعلم بالصواب.