المسألة الحادية عشرة من هذا الأصل
في جواز تفضيل الرسل بعضهم على بعض
وقد أخبر الله تعالى بتفضيل الرسل بعضهم على بعض درجات. فمنهم من خصّه بالإرسال إلى الكافة فكان أفضل ممن أرسل منهم إلى أمة مخصوصة. ومنهم من كلّمه الله عزوجل بلا واسطة فكان أفضل من الذي خاطبه بواسطة. ومنهم من خصّه بالابتداء. ومنهم من خصّه بالخاتمة. وكما تفاضلوا في الدنيا في مراتب النبوة كذلك يكون تفاضلهم في درجات الثواب في الجنة. وزعم قوم من غلاة الروافض أن الأنبياء والأئمة متساوون في الدرجات ولكل منهم في دوره من الفضل ما للآخر في دوره. وخلاف هؤلاء غير معدود في أحكام الشريعة لإلحادهم في صفات الأئمة.
المسألة الثانية عشرة من هذا الأصل
في تفضيل نبينا على سائر الأنبياء
زعم قوم من منتحلي الإسلام أن نبينا صلىاللهعليهوسلم لم يكن أفضل من إبراهيم ولا من نوح ولا من آدم عليهالسلام لأن هؤلاء الثلاثة آباؤه وامتنعوا من تفضيل الابن على الأب وفضّلوه على موسى وعيسى وكل نبي لم يكن أبا له. وقياسهم يقتضي أن لا يكون أفضل من إدريس ولا من إسماعيل لأنهما أبواه. وزعم ضرار أنه لم يكن بعض الأنبياء أفضل من بعض. واستدل من رأى تفضيله على سائر الأنبياء عليهمالسلام ، بقوله : «أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، آدم ومن دونه تحت لوائي (١)». وبقوله : «لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي». وقالوا إنّ الكرامات التي خص بها الأنبياء قد خص نبينا صلىاللهعليهوسلم من أجناسها بما هو أعظم منه. وذلك أن الريح إن سخّرت لسليمان فقد سخر له البراق وهو أفضل من الريح. وإن انفجرت الحجارة
__________________
(١) أخرج الترمذي أحاديث عدة بألفاظ مقاربة : مراجعة الأحاديث رقم ٣٦١٥ و ٣١٤٨ و ٢٤٣٤.
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير بلفظ مقارب ٤ / ١ / ٤٠٠ وأخرجه الحاكم في المستدرك رواية عن جابر ٢ / ٦٠٥.