ومن فروع هذه المسألة : اختلافهم في المقتول هل هو ميت أم لا. وقد زعم الكعبي أن
المقتول غير ميت لأن الموت من [فعل] قبل الله والقتل من [فعل] قبل القاتل. وقال
أكثر القدرية : المقتول ميت وفيه معنيان أحدهما موت من فعل الله عزوجل والثاني : قتل هو من فعل القاتل. وقال أصحابنا : القتل غير
الموت ولكن المقتول ميت والموت قائم به والقتل يقوم بالقاتل. ومن فروعها [أيضا]
الشهادة وقد زعمت القدرية أنها الصبر على ألم الجراح والعزم على ذلك قبل وقوعه
ومنعوا تسمية قتل الكافر للمؤمنين شهادة. وقالت الكرّامية الشهادة أن يصيب المؤمن
من البلاء [على] ما يوجب تكفير ذنوبه كلها إذا لم يكن من الصديقين ، لأن الصديق لا
يحتاج إلى تكفير ذنبه. وقال أصحابنا : من قتل مظلوما أو مات من بعض الأمراض
المخصوصة كالحريق والغريق وموت المرأة في طلقها ونحو ذلك فهو شهيد. ولو كانت
الشهادة في تكفير الذنوب لم يكن من لا ذنب له شهيدا وإن قتله الكفرة في حربها.
وإذا صح لنا أن الشهادة ما ذكرنا ، فالشهداء عندنا نوعان :
أحدهما : شهيد يغسل ويصلى عليه وهو الذي مات حتف أنفه موتا يوجب له
الشهادة أو جرح في قتال الكفرة أو أهل البغي ومات في غير المعركة.
والثاني : شهيد مقتول في المعركة فقد أجمعوا على أنه لا يغسل واختلفوا
في الصلاة عليه : فقال الشافعي : لا يصلى عليه وقال أبو حنيفة بالصلاة عليه.
المسألة الثامنة من
هذا الأصل
في الأرزاق وتقديرها
زعمت القدرية أن
الله عزوجل لم يقسم الأرزاق إلّا على الوجه الذي حكم به من استحقاق
المواريث وما فرض من سهام الصدقات لأهلها وما فرض من الغنائم لذوي القربى ومن ذكر
معهم. وزعموا أن الإنسان قد يفوته ما رزقه الله عزوجل وأنه قد يأكل رزق غيره إذا غصب شيئا وأكله. وأجازوا أن
يزيد الزرق بالطلب وينقص بالتواني. وقال أهل الحق أن كل من أكل شيئا أو شرب فإنما
تناول رزق نفسه حلالا كان أو حراما ولا يأكل أحد رزق غيره. ويجب على القدرية في
قود