بعض الأسرار الخفيّة التي يعلمها الله ، مما لم نحط بعلمه ، فلنترك علم ذلك لله.
وقد يقول بعض المفسرين ، إن الحشر للناس ، وإن أسلوب الآية قد تحوّل بطريق الالتفات ، من الخطاب إلى الغيبة ، كما في الكثير من الآيات القرآنيّة ، ويؤيّد ذلك بالأجواء المحيطة بالآية قبلها وبعدها من مسئولية الناس عن كفرهم وضلالهم ، وبالتفسير الوارد لكلمة الكتاب ، بأن المراد به القرآن الذي بيّن فيه الله كل ما شرّعه للناس من الحلال والحرام ، فإن ذلك مختص بالإنسان لاختصاص الشريعة به ، وبالجنّ ، دون الحيوان ، وقد يكون هذا الرأي قريبا إلى الاعتبار ، ولكن لا سبيل إلى الجزم به ، والله العالم بحقائق آياته.
هذا كله إذا فسّرنا الحشر بالجمع في يوم القيامة ، أمّا إذا فسرناه بما فسّره بعض المفسرين من الإماتة ، فمعنى يحشرهم ، أي يجمعهم لديه ويميتهم بعد ذلك ، فإن الآية تتجه اتجاها آخر لا يثير أيّة مشكلة من المشاكل التي ألمحنا إليها ، ولكننا لا نجد هذا التفسير قريبا إلى جوّ الآية وسياقها ، ولعل هذا المفسّر ارتأى ذلك هربا من الوقوع في المشاكل الفكرية التي يثيرها التفسير الأوّل في ما ألمحنا إليه من حديث.
* * *