الذي يتكلم به كما جاء في حديث الإمام جعفر الصادق عليهمالسلام ـ في رواية الحلبي عن أبيه عنه ـ قال : سئل عن قول الله عزوجل : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) قال : بكل لسان (١). وهذا ما يفرضه القرآن على الدعاة إلى الله أن يبلّغوا رسالاته ويخشوه في حركتهم التبليغية بالوعي لما يبلغونه والصدق فيه من أجل أن تقوم الحجة به على الناس ، لأن الذين لا تبلغهم الدعوة لا حجة لله عليهم وهذا ما جاءت به الرواية ـ في تفسير المنار ـ قال : أخرج أبو الشيخ عن أبيّ بن كعب قال : أتي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأسارى ، فقال لهم: هل دعيتم إلى الإسلام قالوا : لا ، فخلى سبيلهم ثم قرأ : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) ثم قال : خلّوا سبيلهم حتى يأتوا مأمنهم لأنهم لم يدعوا (٢).
وقد انطلقت كلمة الإنذار انسجاما مع موقف العناد الذي اتخذه المشركون من الرسول والرسالة أو الذي يمكن أن تتخذه القوى المضادة أمام الدعوة الإسلامية ، وربما كان هذا ما أبعد كلمة «التبشير» إلى جانب الإنذار ، وقد يكون ذلك من جهة أن الإنذار في الموقف الجاحد يوحي بالتبشير في الموقف الإيماني ، مما جعل المسألة تتحرك لمعالجة الموقف الفعلي الذي يراد من خلاله الضغط على هؤلاء ليتراجعوا عن جحودهم وشركهم بما يتضمنه الإنذار من العذاب الأخروي كمحاولة لتحطيم حالة الجمود الفكري لديهم ، ولكنهم لا يسمعون ولا يعقلون ويصرّون على عنادهم فيتركون شهادة الله ، ليشهدوا شهادة مضادة لها ، لأن هذا النهج هو نهج الآباء والأجداد ، بعيدا عن عالم الفكر والروح.
* * *
__________________
(١) البحار ، ج : ٢٥ ، ص : ١٣٣ ، باب : ٤ ، رواية : ٥ ، طبعة طهران.
(٢) نقلا عن : تفسير الميزان ، ج : ٧ ، ص : ٤٣ ـ ٤٤.