الإنسان إلى العذاب العظيم الذي ينتظره في اليوم العظيم ، يوم القيامة ، (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) وفي هذا الجو المسؤول ، يتجسّم الأمل الكبير في نفس المؤمن في أن يصرف عنه عذاب الله برحمته ، لأن من علامات الرحمة ، أن يبتعد به عن آلام العذاب (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ). وأيّ فوز أعظم من فوز الإنسان برحمة الله ورضوانه والبعد عن عذابه؟!
* * *
الله وحده كاشف الضرّ
ويتصاعد الإيحاء القرآني للإنسان بالحاجة إلى الله ، ليحس بذلك في حياته اليومية ، في ما يصادفه من مشاكل وآلام وأضرار ، وليرجع إليه ويستعين به في إيمان عميق مستغرق في عظمته ، صادق في مشاعره ، واثق بأن الله هو الذي يكشف عنه الضر الذي يصيبه من خلال طوارئ الحياة المسيّرة بقدرته ، المتحركة بحكمته ، فلا كاشف له إلا هو.
ثم يتطلع إلى كل مواقع الخير في الحياة ، في داخل ذاته وخارجها ، ويتلفّت إلى كل من يقومون بأعمال الخير في ما يعطون ، وفي ما يمنعون ، وفي ما يقومون به من أعمال وخدمات ، ثم يحدّق في الآفاق الرحبة للروح فيجد أنهم لا يمثّلون أيّة استقلالية في حياتهم وفي نشاطهم ، بل كل ما هناك ، أنهم أدوات بيد الله يسخرها كيف يشاء ، فلا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرّا إلا بإرادته. وبذلك كانت أجواء الخير بيد الله ، فلا يملكها إلا هو كما لا يكشف الضر إلا هو : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
وما يجدر ملاحظته هنا ، هو أن الله تحدّث في مواقع الضرّ عن أنه الوحيد القادر على كشفه ، بينما تحدّث في مواقع الخير عن قدرته المطلقة ، وربما كان السبب في ذلك أن تطلعات الإنسان في حالات الضرّ تتجه نحو