جهة وبالمصير من جهة أخرى. ففي الحالة الأولى ، لا مشكلة كبيرة أمام الإنسان في قضية عدم الاعتراف بتلك الأشياء الفكرية المجرّدة ، لأنها لا تتصل بحركة الحياة إلا من خلال علاقتها بالمعرفة العامة ، أو ببعض جوانب الحياة المادية المحدودة ، أما في الحالة الثانية ، فإن القضية تتخذ أهميّة كبري في شخصية الإنسان وفي علاقة الفكر بالمصير والحياة ، فتتحول السلبيّة فيها إلى عملية ابتعاد عن المنهج السليم الذي يقود الإنسان نحو السلامة العامة والخاصة ، كما هي الحال في قضية الإيمان لارتباطها بالنظرة العامة إلى الكون والحياة ، وبالقيادات المتحركة في الكون ، والدور الذي يمثله ارتباط الإنسان بها من قريب أو من بعيد ، الأمر الذي يجعل منها حقيقة عملية ، بالإضافة إلى ما تمثله من حقيقة موضوعية.
والله سبحانه وتعالى ، من سنخ هذه الحقائق التي لا بد من أن يفكر فيها الإنسان من الجهتين ، أي بوصفها حقيقة موضوعية وحقيقة عملية تؤثر تأثيرا عميقا على مصير الإنسان ، بل كان المصير الإنساني يتوقف عليها. من هنا ، فإن الله إذا كان حقيقة موضوعية في الكون ـ كما هو معنى الإيمان ـ فإن ذلك يتدخل في طبيعة الفكر والسلوك والهدف ، بينما يختلف واقع الإنسان كله إذا ما انتفى ذاك الوجود ، وهكذا جاءت الآيات القرآنية التي عالجت موضوع الإيمان بالله لربط الفكر بالمصير ، وربط الإيمان بحركة الحياة بين يدي الله ، وذلك لإعطاء الفكر نوعا من الحيوية والحركية بشكل مميز .. وهذا ما نستوحيه من هذه الآية التي دفعت الجواب إلى الواجهة لتثبت وجود الله موضوعيا لجهة ارتباط خلق الكون به باعتباره المبرّر لوجوده.
* * *
الرحمة الإلهية مصلحة للإنسان
وترق الصورة ، وتنساب بالحنان ليعيش معها الإنسان إحساسا بالجو