خط الضلال واختيار السير في خط الهدى ، مما يريد الله لهم الأخذ به فلا يستجيبون له. ولكن هذا غير ظاهر ، فإن الآية واردة في رفض هؤلاء للمبدأ وهو الإقبال على الله بالدعاء والتضرع إليه ليكشف عنهم ما حلّ بهم.
وربما كان الأولى بالجواب ، أن الآية الأولى واردة في الحديث عن أن الله هو وحده الذي يمكن أن يدفع عنهم العذاب في مقام تأكيد الوحدانية الفطرية التي تفرض عليهم التحرك في هذا الاتجاه إذا التفتوا إلى حركيّتها في داخل النفس لأنها تعيش في العمق من الذات حتى إذا ما أذهلتها الصدمات استيقظت وخرقت كل الحواجز الموضوعة فوقها كمثل القشرة السطحية ، فإذا بالله ـ وحده ـ هو الذي يهزّ كل كيان الإنسان ليفزع إليه ، وهذا ما يوحي به قوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فقد يكون المراد من الصدق وعي الحقيقة الفطرية التوحيدية التي تختزنها عقولهم وقلوبهم.
أمَّا الآيات الأخيرة فإنها تتحدث عن الواقع الذي عاشه هؤلاء في التمرد على الفطرة والبعد عن إيحاءاتها انطلاقا من الحواجز التي توجب قسوة القلب وتزيين العمل.
وهناك ملاحظة أخرى ، وهي أن الله يتحدث في قوله تعالى : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) مما يعني أن الله يمنحهم الخير الكبير الواسع بعد نسيانهم له.
فكيف نفسر ذلك؟
ربما كانت القضية ابتلاء آخر يختبرهم الله به ليرى هل يشكرون فيرجعون إليه أو يكفرون فيستمرون في ضلالهم. وربما كانت استدراجا لامتحانهم في التجربة الجديدة التي يواجهونها بالرخاء بعد أن عاشوا وسقطوا أمام التجربة السابقة بالبلاء.