نوعيتها ، تنطلق من الواقع الثقافي الّذي تتميّز به الذهنيّة العامة للمجتمع الّذي يرسل إليه النبيّ ، من أجل أن تمثّل النبوّة قوّة ثقافيّة غير عاديّة ، تصدم الواقع الثقافي الّذي ربّما يبلغ حالة من الاستعلاء ، الّذي قد يترك تأثيره السلبي على واقع النبوّة في حركة الرسالة في النّاس ، لأنّ الوضع الطبيعي للثقافة العامة قد يجعل النّبيّ شخصا عاديا في النظرة الشعبية بحيث لا يتميّز عن الآخرين ، بل قد يتميّزون عليه من ناحية اختصاصهم الّذي يترك أثره على النّاس.
وفي ضوء ذلك ، فإنّ المعجزة تمثّل قمّة التحدي لهذا الواقع بالدرجة الّتي تشكّل صدمة له من خلال المستوى الإعجازي الّذي لا يمكن صدوره من قدرات بشريّة ، فيدل على علاقته الرساليّة بالله ، ولكن ربّما لا تحتاج النبوّة إلى المعجزة لعدم وجود التحدي الصارخ في المسألة الثقافيّة المضادّة ، بل تكون القضيّة قضيّة رفض شعبيّ ذاتيّ لا يترك تأثيره الواقعي على حركة الرسالة من موقع النبيّ ، بحيث تكون المعجزة وعدمها على حد سواء ، وهذا ما نلاحظه في كثير من حالات الأنبياء الّذين لم يأتوا بالمعجزة ، أو الّذين جاؤوا بها أخيرا كما في قصة نوح وإبراهيم عليهالسلام.
وربّما كانت القيمة الأخرى للمضمون الفكري في الحديث ـ وهو كلام الإمام الرضاعليهالسلام ـ على تقدير صحة الرّواية ـ عن العقل ـ في غياب النّبيّ صاحب المعجزة أو في حالة عدم وعي النّاس لتأثيراتها على وجدانهم الثقافي الّذي لا يملك دراسة الأمور بدقة وتحقيق ، أنّ العقل هو الحجّة الإلهيّة الّتي أرادها الله أن تقود الإنسان إلى التمييز بين الصادق على الله بما يمثّله من الحجّة البشريّة فيصدقه على أساس ذلك ، أو الكاذب عليه الّذي لا يمثّل الحجّة فيكذبه.
وهذا هو المنهج الإسلامي ـ في خط أهل البيت عليهالسلام ـ المرتكز على