بمناسبة وبدون مناسبة ، ويمين عقد ـ إذا صحّ التعبير ـ وهو اللفظ الّذي ينطلق بكلمة القسم بالله على سبيل عقد القلب على مضمونه ، كالتزام يلتزمه على نفسه.
وقد جاءت الآية لتدل على أنّ الله لا يؤاخذ الإنسان باللغو في اليمين ، إذا لم يلتزم بمضمونه أو يؤده ، لأنّه لا يعبر عن حالة في النفس ، أو عقد في الضمير ، فهو لا يزيد عن صوت من الأصوات الببغائيّة الّتي يطلقها الإنسان بلا معنى ، أمّا إذا كان اليمين عقدا في ما يعقد به الإنسان قلبه ويلتزمه في ضميره ، فإنّ الله يؤاخذ الإنسان على عدم التزامه العملي به ، وهو الّذي يسمى بالحنث ، ولكنّها مؤاخذة يمكن للإنسان أن يتخلّص منها في الدنيا ، بدفع الكفارة المفروضة في هذه الحال ، (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) لا من أخبثه مما يعافه النّاس بشكل طبيعي ، ولا من أطيبه مما لا يكون إلّا لدى الطبقة الثريّة من النّاس ، (أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) فإنّ العتق أحد وسائل التكفير عن الذنب ، في ما أراده الله من تكثير الوسائل لتحرير الرقيق ، فإن لم يجد من ذلك شيئا لفقره وعجزه (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ) ولم تلتزموا بمقتضاها ، ليكون ذلك رادا لكم عن النقض عند ما تواجهون إمكانيّة الخسارة والجهد والمشقة في ذلك كله ، (وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) من الإهمال والعبث والنقض ، لأنّ اليمين موقف يلتزم به الإنسان فيلزم به نفسه ، فلا بدّ له من المحافظة على موقفه والتزامه ، فإنّه متصل بقيمة احترامه لشخصيته من جهة ولمن أقسم به ـ وهو الله ـ من جهة أخرى.
وقد جاءت بعض التفاسير والأحاديث بإدخال الحلف بفعل الحرام وترك الواجب في مفهوم يمين اللغو ، والظاهر أنّه داخل فيه حكما وموضوعا باعتبار إلغاء الشارع له ، لأنّ ما يجب حفظه من الأيمان هو ما يريد الشارع للإنسان الالتزام به ، فلا معنى لوجوب حفظ مثل هذه الأيمان غير المشروعة بطبيعتها ، وليست داخلة فيه موضوعا ، لما سبق أنّ المراد باللغو ، ما كان عاريا عن