وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) قال : فقمت عند العقبة ، فناديت : يا أيّها النّاس ، من ينصرني على أن أبلغ رسالة ربي ولكم الجنّة؟ أيّها النّاس ، قولوا : لا إله إلّا الله وأنا رسول الله إليكم وتنجوا ولكم الجنة. قال : فما بقي رجل ولا امرأة ولا صبي إلّا يرمون عليّ بالتراب والحجارة ، ويبصقون في وجهي ويقولون : كذاب صابئ ، فعرض عليّ عارض فقال : يا محمّد إن كنت رسول الله فقد آن لك أن تدعو عليهم كما دعا نوح على قومه بالهلاك ، فقال النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهم اهد قومي فإنّهم لا يعلمون ، وانصرني عليهم أن يجيبوني إلى طاعتك ، فجاء العباس عمّه فأنقذه منهم وطردهم عنه» (١).
وجاء في الدر المنثور في أكثر من رواية ، كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يحرسه أصحابه حتّى نزلت هذه الآية : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) الآية ، فخرج إليهم وقال : أيها الناس ، انصرفوا فقد عصمني الله» (٢).
وقد لخص الرازي في تفسيره الكبير ، أهم أقوال المفسرين في أسباب نزول الآية موضوع البحث ، ومجملها يدور حول قضايا جزئية لا أهمية لها في مدلولها وفي نتائجها ، وهي :
الأول : أنها نزلت في قصة الرجم والقصاص على ما تقدّم في قصة اليهود.
الثاني : نزلت في عيب اليهود واستهزائهم بالدين ، والنبيّ سكت عنهم ، فنزلت هذه الآية.
الثالث : لما نزلت آية التخيير ، وهو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) [الأحزاب : ٢٨] فلم يعرضها عليهن خوفا من اختيارهنّ الدنيا فنزلت.
__________________
(١) م. س. ، ج : ٣ ، ص : ١١٧.
(٢) م. ن. ، ج : ٣ ، ص : ١١٨.