إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير من وحي القرآن [ ج ٨ ]

236/423
*

فيؤدي بهم إلى الانحسار عن مواقعهم ، ويدفع النّاس إلى اتباعه والالتزام به ، فلجئوا إلى الأساليب الموحية بالاستخفاف والاستهانة به ، كالسخرية والاستهزاء ، وهذا ما أراد الله للمؤمنين أن يواجهوه بالرفض الحاسم لكل أنواع العلاقات الإنسانيّة الحميمة أو الروابط الوثيقة ، لأنّهم ليسوا في مستوى المسؤوليّة الفكريّة الّتي تبعث على الاحترام وتفرض الدخول في التزام فكري وعملي ، وهكذا نهى الله عن اتخاذهم (أَوْلِياءَ) بكل ما تعنيه كلمة الولاية من الانفتاح عليهم والسماع منهم والاتباع لهم ، لأنّ أسلوبهم هو أسلوب العداوة الّتي تفرض الحذر البالغ أمام كل ما يخفونه من خطط مشبوهة ، (وَاتَّقُوا اللهَ) في مواقفكم وعلاقاتكم مع الآخرين بحيث تراقبونه في كل ذلك انطلاقا مما يريد أن تقفوا عنده أو تتحركوا نحوه ، لأنّكم تتحملون مسئوليّة المحافظة على الدين في موقع الاحترام له والعمل له ، كما تتحملون المسؤوليّة في المحافظة على أنفسكم وأهاليكم وأموالكم ، وهذا هو دليل الإيمان الّذي يوجهه إليكم الله عبر النداء الّذي يحرّك عقل المؤمن وقلبه وحركته في خط الالتزام بكل مضمونه الفكري والروحي والعملي من بعد قوله (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).

(وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً) فإذا أذن المؤذن للصّلاة ووقفتم أمام الله لأداء الصّلاة المفروضة ، وقف هؤلاء ـ بكل أحقادهم وعداوتهم وجهلهم وتخلفهم ـ ليتخذوها مادة للتسلية العبثيّة وفرصة للاستهزاء بالمسلمين وبعباداتهم ، لإثارة الخوف والشعور بالمهانة في أنفسكم (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ).

* * *