الإسلامي الإلزامي ، بين بقاء المصلحة الشخصية المترتبة على التعاقد أو زوالها ، بل أكثر من ذلك ، حتى لو ترتب على التعاقد ضرر شخصي بفعل التطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، فلا يجوز نقض العهد ، الأمر الذي يؤكد حرص الإسلام على قواعد الاستقرار الاجتماعي للنّاس كافة ، واعتبارها من الأولويات الكبيرة في توجهاته الميدانيّة العامة.
هذا في الإطار العام ، أمّا على صعيد الجانب التفسيري التطبيقي ، فقد ذكر صاحب مجمع البيان أربعة أقوال :
«أحدها : أنّ المراد بها العهود التي كان أهل الجاهلية عاهد بعضهم بعضا فيها على النصرة والمؤازرة والمظاهرة على من حاول ظلمهم أو بغاهم سوءا ، وذلك هو معنى الحلف (١) وبذلك تكون الآية واردة لتحديد واقع عملي محدود في حياة الناس الّذين دخلوا الإسلام ، وكانوا قد ارتبطوا بعهود أمنية مع الفئات الأخرى من قبائل وعوائل ... وربّما خيّل إليهم أن انفصالهم عن العقيدة الجاهلية يبرر لهم نقض تلك العهود فأراد الله أن يبين لهم أنّ الإسلام يؤكد الالتزام بالعقود حتى للكافرين ، ما دامت سائرة على النهج الّذي لا يبتعد عن حدود الله.
«وثانيها : أنّها العهود الّتي أخذ الله ، سبحانه ، على عباده بالإيمان به وطاعته في ما أحل لهم أو حرّم عليهم (٢) ويؤيدون هذا القول ، بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) إلى قوله : (سُوءُ الدَّارِ) [الرعد : ٢٥] وعلى ضوء هذا القول تكون الآية دعوة تأكيدية للالتزام بخط الإيمان في علاقة الإنسان بالحياة وبالمفاهيم التشريعية في شؤونه العلمية ، سواء تلك
__________________
(١) الطبرسي ، أبو علي الفضل بن الحسن ، مجمع البيان في تفسير القرآن ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط : ١ ، ه ١٩٩٢ م ، ج : ٣ ، ص : ١٩٠.
(٢) م. ن. ، ج : ٣ ، ص : ١٩٠.