طاعتك وتمردوا على
رسولك. وجاءتهم العقوبة الّتي يستحقها الخائفون المهزومون الّذين رفضوا الهدى ،
فلا يستأهلون النصر إذا لم يعملوا له ، فكتب الله عليهم أن يظلوا في التيه أربعين
سنة ، (قالَ فَإِنَّها
مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ) فلا يملكون دخول الأرض المقدسة ، لأنّهم هم الّذين اختاروا
لأنفسهم ذلك ، وسيتحملون متاعب الضياع وأهواله ، وسيعيشون آلام الاهتزاز ومشاكله.
وذلك هو مصيرهم الّذي استحقوه نتيجة فسقهم العملي ، فلا تتألم ـ يا موسى ـ من موقع
الرحمة في قلبك ، فإنّ هؤلاء لا يستحقون الرحمة ، (فَلا تَأْسَ عَلَى
الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ).
* * *
وقفات أمام القصة
وقد نحتاج إلى بعض
الوقفات في أجواء هذه الآيات
١ ـ ما المراد من قوله : (وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً)؟ هل المراد المعنى المتبادر من الكلمة أي السلطنة
والحاكميّة ، وذلك مما ذكره القرآن في ملوكهم من طالوت فداود إلى غيرهما ، وهذا ما
لم يتحقق لبني إسرائيل إلّا لفترة قصيرة ، والظاهر من الآية أنّه قد جعلهم ـ بشكل
شامل ـ ملوكا في مقابل قوله تعالى ـ قبل ذلك ـ (جَعَلَ فِيكُمْ
أَنْبِياءَ) ، الأمر الّذي يوحي بأنّ الأنبياء فيهم معدودون ، بينما
كلمة الملوك شاملة للجميع ، مما يبعد الكلمة عن هذا الاحتمال ظاهرا؟
أو أنّ المراد ملك
المصير والأمر والموقف والموقع ، بحيث باتوا أحرارا بعد أن كانوا مستعبدين ،
وباتوا مستقلين بعد أن كانوا أتباعا ، وباتوا في حركة من أمرهم بعد أن كانوا
سادرين في الجمود؟
وبكلمة أخرى ،
باتوا يملكون شؤون أنفسهم وأمورها بعد ما كانوا