الحضارية ، وربما يتحرّك في كلا الاتجاهين متطرفون هنا وهناك ، ليتجمد هؤلاء على النص في لفظه بعيدا عن روحه ، وليتحرر أولئك فيتركوا النص تماما ليستلهموا روحه بطريقة مائعة ، وقد أثار هذا الاختلاف جوا سلبيا في الساحة الإسلامية على مستوى الفكر والعمل.
والآية التي نحن بصددها ليست إلا نوعا من التذكرة ، بأن النزاع في فهم الفكرة ، وفي طبيعة الخط ، قد يكون له مبرراته الداخلية والخارجية ، ولكن ذلك لا يتأتى بطريقة ذاتية ، بل بالرجوع إلى القواعد الفكرية القرآنية والنبوية لتكون هي الميزان في الفكر الإسلامي الصحيح ، في مواجهة الفكر الزائف ؛ فإن ذلك هو علامة الإيمان الحق. أما في الجانب التطبيقي الذي يحكم المسيرة ، فالأمر لا يختلف عن الجانب الفكري ؛ لأن قضية الإسلام ليست الإيمان بالفكرة على أساس المعرفة فحسب ، بل العمل على خط الإيمان في حركة الواقع ، فلا يكفي في سلامة المسيرة أن يكون الفكر صحيحا ، بل ينبغي أن يكون التطبيق سليما ، لتتكامل الشخصية الإسلامية وتتوازن. وفي ضوء ذلك ، لا بد أن تحل مشاكل الاختلاف في التطبيق على هدى القرآن والسنّة ، ليعرف الإنسان المؤمن أن حياته لم تبتعد عن فكره وإيمانه.
(ذلِكَ خَيْرٌ) للإنسان في حياته ، في ما يثيره فيها من نتائج طيبة. (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) الظاهر أن المراد منها أحسن مآلا ومرجعا ؛ وذلك من خلال المصير الذي ينتهي إليه الإنسان المؤمن الذي يرجع إلى الله ، فيجد عنده الرحمة والرضوان واللطف الكبير.
* * *