(المقدس) بيت
المقدس ، بالفتح ، ثم السكون ، وتخفيف الدال ، وكسرها : أى البيت المطهّر الذي
يتطهّر به من الذنوب .
وهو مسجد كبير
متّسع الأقطار فى وسط مدينة كبيرة تسمّى المقدس.
والمدينة على جبل
بين جبال شامخة بها قرى لها زروع وأشجار فى الجبال ، وفى المدينة أسواق وعمارات
حسنة ، وعليها سور دائر ، والمسجد فى طرف المدينة القبلىّ من شرقيّها ، قد بنى على
سفح الجبل ، فمنه قطعة كان الجبل عاليا عليها فوطئت ، والقطعة القبلية كانت
مستقلّة فأقيمت أعمدة وأسقف عليها حتى اعتدلت بأرضه.
وفى وسط المسجد
جبل صغير أعلاه الصّخرة المشهورة التى كان بنو إسرائيل يقرّبون عليها القربان ،
وهى القدس.
وقد بنى عليها من
حولها بناء مثل الدكة ، لها درج من جهاتها الأربع ، يصعد إليها منها.
والصخرة فى وسطها
بقيت أعلى ما حولها بشىء يسير ، قد بنيت عليها قبة فى غاية الارتفاع والسعة على
أعمدة دائرة والبناء عليها.
وحول القبّة رواق
دائر يتّسع له أربعة أبواب ، يخرج منها إلى المصطبة المذكورة ، ومن جهة القبلة ،
كأنها من بناء النصارى والمنبر والمحراب فى صدرها.
وقد كان الفرنج
قصدوها من سنة اثنين وتسعين وأربعمائة ؛ خرجوا من وراء البحر ، فملكوا الساحل
وقصدوا بيت المقدس ؛ فأقاموا عليها نيّفا وأربعين يوما ، ثم ملكوها ، ودخلوا فى
ثالث وعشرين شعبان من السنة ، ووضعوا السّيف فى المسلمين بها أسبوعا ، والتجأ
الناس إلى المسجد الأقصى فقتل فيه ما يزيد على سبعين ألفا.
ثم إنّ الملك
الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب استنقذها فى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ، وأحكم
سورها وعمّره وجوّده ، فلما خرج الفرنج فى سنة ست عشرة وستمائة
__________________