إلاّ أنّ حديث الماء ، والحسين في طريقه إلى كربلاء (حيث هناك العطش والظمأ) فيه عِبْرةٌ تستدرّ العَبْرةَ.
فهل هي إشاراتٌ غَيْبيّة إلى أنّ الحسين سيواجه المنع من الماء ، وسيقتلُ «عَطَشاً» وهو منبع البركة من فيض فمه يعذبُ الماء ويمهى ويمرى!
وهل مثل ذلك يخطر على بالٍ!؟
أو أنّ هذه دلالات عينيّة على مدى الجريمة التي وقعت والفاجعة التي حدثت في كربلاء ، على يد أُمّة تدّعي الإسلام ، وتدعو «يزيدَ» أمير المؤمنين لكن ذكر العطش وحديث الماء ، ومقام السقّاء هناك ، له شأن آخر ستقرأه في حديث كربلاء (١).
وعلى مشارف كربلاء ، الحسين يسقي جيش الأعداء وحتّى خيولهم :
ولا يزال التاريخ يروي الحوادث ، ويري العَجَب من العبر :
لمّا واجَهَ الإمام الحسين عليه السلام طليعة الجيش الأمويّ في مشارف كربلاء وهم ألفُ فارس بقيادة الحُرّ بن يزيد الرياحيّ ، عند موقع «ذو حُسْم» ظهر من الحسين عليه السلام ما هو المأمول منه.
قال ابن الأثير : جاء القوم وهم ألفُ فارس مع الحرّ بن يزيد التميميّ ثمّ اليربوعيّ ، فوقفوا مقابل الحسين وأصحابه ، في حرّ الظهيرة.
فقال الحسين لأصحابه وفتيانه «اسقوا القوم ، ورشّفوا الخيل ترشيفاً»
__________________
(١) الحسين عليه السلام سماته وسيرته ، الفقرة (٢١) بتصرّف بين الأقواس.