وذلك موقف عليّ أمير المؤمنين عليه السلام من منع الماء! ومنهما! ومن عُثمان!
لكن التاريخ سَجَّلَ على صفحاته بدمٍ ، قيامهما بالمطالبة بدم عُثمان ، في حرب الجَمَل ، مُطالِبَيْن عليّاً ومُحارِبَيْن له! وهذا من أكبر عِبَر التاريخ!
وكما أتمَّ الإمامُ أميرُ المؤمنين عليه السلام الحجّةَ على أعدائه بتصرّفاته الحكيمة وإقدامه المشرّف ، فكذلك قد أطلق الوجهَ الإنسانيَّ في ذلك ، حيث قال في رفضه منع الماء :
«لا أراى ذلك ، إنّ في الدار صِبياناً وعِيالاً ، لا أرىْ أن يُقتل هؤلاء عطشاً بِجُرم عُثمانَ» (١).
أقول : لأمرٍ مّا ذكر الإمامُ الصِبيان والعِيال! وإلاّ فإنّ رفض منع الماء ثابتٌ حتّى في حقّ الرِجال والكِبار ، بل الأعداء في سُوح القتال والنضال.
أليسَ في ذكر الإمام عليه السلام للصِبيان والعِيال ، ورفض منع الماء لأجلهم ، إشعاراً بما سيُواجِهُ به آلُ عُثمان وآلُ مروان وآلُ حرب ، ابنَهُ الحُسينَ عليه السلام وأطفالَه وأُسرتَه في ساحة كربلاء!! (٢).
وفي وقعة صِفّين على شاطئ الفرات :
قال ابن الأثير ـ في حوادث واقعة صِفِّين ـ : إنّ عليّاً طلب لعسكره موضعاً ينزل فيه ، وكان معاوية قد سبق فنزل منزلاً اختاره بسيطاً واسعاً
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (٣ / ٢٥) وانظر تجارب الأُمم لمسكويه (١ / ٤٤٥).
(٢) وللمزيد راجع : تاريخ المدينة المنوّرة لابن شَبَّه (٤ / ١٢٠٤) والإمامة والسياسة لابن قتيبة (١ / ٣٤). وسير أعلام النبلاء للذهبي (٢ / ٤٥٩) وتاريخ دمشق (٢٩ / ٣٦٧) وأنساب الأشراف (٥ / ٧٧) مضافاً إلى المصادر السابقة.