الفضل من الريادة ، والجهاد في سقيه وبذله.
كما يصرخ التاريخ بما كان لبني أُميّة وأتباعهم من أنذال العرب من مواقف مخزية وموحشة ومرعبة في منع الماء والشحّ به.
تلك حوادث التاريخ نسردها تباعاً :
فقبل الإسلام : وعندما حفر عبد المطّلب بئر «زمزم» وخاصمته قريشٌ فيه ، ذكر ابن الأثير : أنّهم ارتحلوا إلى كاهنة بني سعد بن هُذَيم ـ وكانت بمشارف الشام ـ حتّى إذا كانوا ببعض تلك المفاوز بين الحجاز والشام ، فَنِيَ ماءُ عبد المطّلب وأصحابه فظَمِئُوا حتّى أيقنوا بالهلكة ، فطلبوا الماء ممّن معهم من قريش! فلم يسقوهم!! (١).
ثُمّ إنّ عبد المطّلب قال لأصحابه : والله! إنّ إلقاءَنا بأيدينا هكذا للموت ، لا نضرب في الأرض ونبتغي لأنفسنا ؛ لعجزٌ.
(أيهلك عشرة من قريش ، وأنا حيٌّ؟! لأطلبنَّ لهم الماء ، حتّى ينقطع خيطُ عنقي ، وأبلي عُذراً ...) (٢).
فارتحلوا ـ ومن معه من قبائل قريش ينظرون إليهم!! ـ.
ثمّ ركب عبدُ المطّلب ، فلمّا انبعثت به راحلته انفجرتْ من تحته عينٌ عذبَةُ من ماءٍ ، فكبَّر وكبَّر أصحابُهُ ، وشربوا ، وملأوا أسقيتهم (٣).
__________________
(١) في رواية اليعقوبيّ للحادثة : فاستسقى القيسيّين من فضل مائهم! فأَبَوا أن يسقوهم!! وقالوا : والله! لا نسقيكم!!!.
(٢) ما بين القوسين من رواية اليعقوبي ، وكذا في ما يلي.
(٣) في رواية اليعقوبي : «فركب راحلته وأخذ الفلاةَ ، فبينا هو فيها ، إذ بَرَكَتْ راحلته ، وبصر به