كان عالماً فاضلاً ، كامل الصفات ، حميد الذات ، بليغاً مفوَّهاً ، ومع ذلك فله الهمَّة العالية في الجهاد ، وتكتيب الكتائب ، وتقنيب المقانب ، له البلاء الحسن في المشاهد الهائلة مع الإمام أحمد بن الحسين عليهم السلام ، وكان من أهل التقدّم والحفاظ ، يلي أمر الجند في بعض الغزوات ، وان له من أهل بيته الكريم حاشية.
ومن شعره في الإمام أحمد بن الحسين ، يوم حَضْوَر ـ من الأيّام المشهورة بين الإمام وسلطان اليمن الأسفل ـ وذلك أنّ سلطان اليمن طمع في أخذ حصن الشيخ سيف الدين منصور بن محمّد المُسمّى بالنوّاش ؛ فردَّ الله كيده ، فأعملَ الحيلةَ بخراب حضور الشيخ ؛ فجهّز عساكره وقوّاهم بالسلاح ، وجعل كميناً في شقّ (١) القرية ، يقطع المادّة من قبل الإمام ، وتقدّم السلطان إلى نقيل كثير.
فلمّا بلغ أصحابه تقدّمه ، أخربوا في (٢) القرية ، ثمّ قدَّم الإمام الكتائبَ كتيبةً بعد كتيبةٍ ، فيهم أهل النجدة ، وفي كلّ كتيبة رئيس من الكُفاة ، فتلازم الناسُ بالقتال إلى قريبٍ من نصف النهار ، ولحق أعداء الله الفُتورُ والمَلَلُ ليقضيَ الله أمراً كان مفعولاً ، فانكسرَ أصحابُ السلطان ، وقُتِّلُوا تقتيلاً ، ونُهبتْ أسلحتُهم وأثقالُهم ، وذلك يومَ الأحد لِليالٍ خلونَ من جمادى الأُخرى سنة ٦٤٦ هـ [من الطويل] :
__________________
(١) بد ، هد : سوق.
(٢) (في) ليست في بد.