كما أنّ الولاية الّتي يستحقّ صاحبها
الكرامة ، وكذلك الكرامة الّتي تثبتُ لصاحب الولاية ، إنّما يحتاجانِ إلى إثباتٍ.
فلا يثبتان بالادّعاء ، أو بالتوهّم ، أو
الفرض ، وإنّما هما بحاجة إلى مثبتات بمستوى الحُجج الصالحة للاستناد والاعتماد.
ومن أوضح أدلّة ذلك :
الشهرة والشيوع عند المؤمنين ، شهرةً
مفيدةً للعلم ، ونافيةً للريب ، ومفندهً للإنكار والمعارضة.
فكيف بها إذا سلّم بها الخصمُ ، وتناقلَها
الأعداءُ ، ولم يُعارضها نقلٌ ولو ضعيفٌ؟!
وإذا ارتفعت الموانع ، وتمّت المُثبتات
، فلا يجدُ المسلمُ المتشرّعُ إشكالاً أو شبهةً في الالتزام بما يتحقّق من
الكرامات ، قديماً وحديثاً.
وأمثلة ذلك في حضارة الإسلام كثيرةٌ
جدّاً ، كما لم تخلُ من نماذج ثابتة لذلك في الحضارات السابقة ، إلاّ أنّ النماذج
الإسلاميّة قد تناقلتها الرواياتُ والأحاديثُ ، وسجّلتها الدواوينُ والمصادرُ ، واستقرّتْ
في الصدور وشاعتْ على الألسن ، ووصلتْ إلينا بالتواتُر المعنويّ القاطع لكلّ
مكابرةٍ والدافع لكلّ إنكارٍ.
وإذا خضعت الكراماتُ للإمكان الموضوعيّ
عقلاً ، وثبت وقوعُها بالروايات والآثار نقلاً ، فلم يبقِ للإنسان المتشرّع
والمتعبّد إلاّ القبولُ والاقتناعُ بها وجداناً ، بل تكون مفخرةً للمسلمين
وللإسلام أن يوجد فيهم