ثمّ إنّ الخوارزمي نقل في المناقب موقفاً للعبّاس بن ربيعة وقال : برز اليوم التاسع عشر من حرب صفّين من أصحاب معاوية رجلٌ (١) وذكر فيه ما يشبه ما ذكر سابقاً من استعارة أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام منه ثيابه وسلاحه وتنكّره للعدوّ ... (٢).
وقد روى موقف العَبّاس بن ربيعة كلٌّ من ابن قتيبة ، وابن أبي الحديد بصورة أُخرى ، وليس فيه استعارة الإمام لثيابه وسلاحه ، ولا تنكّرهُ عليه السلام لمحاربة العدوّ ، بل المحارب فيه هو العَبّاس نفسه ، وبدون إذن الإمام ، فلذا عاتبه الإمام عليه السلام ـ كما جاء في نهاية المنقول ـ على مخالفته لأمره ، إذْ كان قد نهاهُ عن ترك مركزِهِ ، ففي نهاية المنقول : يا عبّاسُ ، ألَمْ أنْهك وابنَ عبّاس أن تُخلّا بمركزكما أو تُباشرا حرباً؟
قال : إنّ ذلك.
قال : فما عدا ممّا بدا؟!
قال : فأُدعى إلى البراز فلا أُجيب؟!
قال : نعم ، طاعة إمامك أولى بك من إجابة عدوّك.
قال الراوي : ثمّ تغيّظ واستشاط حتّى قلتُ : الساعة الساعة ،
ثمّ تطامَنَ وسَكَنَ ، ثمّ رفعَ يديه مُبتهلاً فقال : اللهمّ اشكر للعبّاس مقامه ، واغفر له ذنبه ، اللهمّ إنّي قد غفرتُ لهُ فاغفرْ لهُ.
__________________
(١) الخوارزمي سمّى ذلك الرجل باسم (عثمان بن وائل الحميري) وسمّاه المسعودي (عرار ابن أدهم) لاحظ المصادر التالية.
(٢) لاحظ المناقب للخوارزمي (ص ٢٣٠) وبطل العلقمي (٢ / ٢٣٩).