العام ، كما كان ذلك شأن أغلب الخصوصات ، ففي مثله وان دار الامر بين التصرف في ظهور العام وبين التصرف في جهته وكان يثمر أيضا فيما قبل ورود الخاص منه الأزمنة المتقدمة من جهة القضاء والكفارة لو كان الواجب مما يترتب على تركه ذلك ، الا ان طرف المعارضة بدوا لما كان هو اطلاق الخاص المتأخر في ثبوت مفاده من أول الامر ، من جهة منافاته بالضرورة مع قضية ظهور العام في العموم ، فلا جرم ينتهى الامر فيهما إلى التساقط ، ومع سقوط أصل الظهور في العام عن الحجية في العموم يجرى عليه قهرا حكم التخصيص. ولئن شئت قلت بان أصل الجهة في العام في مثل الفرض من جهة اناطته بجريان أصالة الظهور في العام وشمول عمومه لزيد أيضا في نحو قوله : أكرم كل عالم إناطة الشيء بموضوعه كان غير جار على كل تقدير من جهة وضوح عدم المجال للتعبد بالجهة بالنسبة إلى زيد مع عدم التعبد بعموم العام وشموله له ، فيكون حينئذ طرف المعارضة قضية اطلاق الخاص المتأخر في ثبوت حكمه على تقدير التخصيص من حين ورود العام ، ومع التعارض وسقوط أصالة الظهور في العام عن الحجية فقهرا يجرى عليه حكم التخصيص ، ولابد فيه من الرجوع إلى الأصول التي توافق بحسب النتيجة مع التخصيص تارة كما في فرض كون مفاد العام هو وجوب اكرام العلماء ومفاد الخاص عدم وجوب اكرام زيد العالم ، وأخرى مع النسخ ، كما في فرض كون مفاد العام عدم وجوب اكرام العلماء ومفاد الخاص وجوب اكرام زيد حيث إن قضية البراءة عن القضاء مثلا حينئذ توافق النسخ ، هذا.
ولكن الذي يسهل الخطب عدم ترتب اثر عملي على مثل هذا الفرض بالنسبة إلينا بعد تأخر زماننا عن زمان العام والخاص ، من جهة وضوح انه على كل تقدير كان الواجب علينا الاخذ بالخاص والعمل على طبقه ناسخا كان أو مخصصا. نعم في الخاص المتقدم كان له ثمرة مهمة من حيث كونه مخصصا للعام المتأخر أو منسوخا به ، ولكنك عرفت فيه أيضا ان اللازم فيه هو الرجوع إلى استصحاب حكم الخاص من جهة معارضة الأصل الجهتي في الخاص حينئذ مع الأصل الدلالي في العام المتأخر وتساقطهما فتدبر. هذا تمام الكلام في العام والخاص.