واما المقام الثالث فنقول : انه بعد ما ظهر في المقام الثاني امكان الأقسام الثلاثة أعني ما كان الوضع والموضوع له فيه عامين أو خاصين وما كان الوضع فيه عاما والموضوع له خاصا ، يبقى الكلام في بيان ما هو الواقع منها فنقول : اما ما كان الوضع والموضوع له فيه عامين أو خاصين فلا اشكال في وقوعه ، كما في الاعلام الشخصية وأسامي الأجناس. وانما الكلام فيما كان الوضع فيه عاما والموضوع له خاصا ، حيث إنه قيل بوقوع هذا القسم أيضا وان وضع الحروف وما شابهها من الهيئات والافعال والأسامي المتضمنة للمعنى الحرفي من هذا القبيل ، لما يرى من عدم كون الاستعمال فيها الا في معان جزئية. وتنقيح المرام في هذا المقام يحتاج إلى شرح حقيقة المعاني الحرفية وما ضاهاها ثم بيان انها كلية أو جزئية.
في شرح المعاني الحرفية
فهنا جهات من الكلام :
الأولى في المعاني الحرفية وفيها مقامان : الأول في شرح حقيقة المعنى الحرفي ، الثاني في بيان انه كلي أم جزئي فنقول :
اما المقام الأول فاعلم أن المشارب في الحروف كثيرة ربما يبلغ إلى الأربعة بل الخمسة كما سنذكرها :
أحدها ما ينسب إلى الرضى في شرح الكافية وجماعة أخرى بان الحروف مما لا معنى لها أصلا ، بل وانما هي مجرد علامات لتعرف معنى الغير كالرفع الذي هو علامة للفاعلية ، وانه كما أن الرفع في زيد في مثل جائني زيد لا معنى له في نفسه بل وانما كان مجرد علامة لتعرف حال زيد وانه فاعل في تركيب الحروف ، فلفظ في مثلا في مثل زيد في الدار لايكون له معنى أصلا وانما هي علامة لتعرف معنى الدار وانها معنى أيني من حيث كونها مكان زيد قبال كونها معنى عينيا ومن الأعيان الخارجية وحينئذ فلفظة في في قولك زيد في الدار ، مما لا معنى لها أصلا في هذا التركيب وانما المعنى كان في الدار من حيث كونها مكان زيد ومعنى أينيا وقد جئ بكلمة في لتعرف حال الدار وخصوصية معناها ، وهكذا لفظ من وعلى ونحوهما من الحروف ، وحينئذ فلايكون للحروف معنى