الفعل الاضطراري من تفويت مصلحة الخصوصية ، ولاينافي ذلك ما ذكرناه آنفا من حرمة التفويت ، لان ذلك انما هو بلحاظ قبل حال طرو الاضطرار لا بلحاظ حال طرو الاضطرار الذي هو مورد البحث في هذا المقام. فلا تنافي حينئذ بين حرمة اتلاف الماء مثلا في الوقت وادخال نفسه في موضوع ( من لم يجد ) وبين جوازه بداره باتيان الصلاة مع التيمم في فرض تحقق الاضطرار وان استلزم ذلك تفويت مقدار من المصلحة الملزمة من جهة امكان ابتلائها في هذا الحال بمصلحة أخرى أهم وهي مصلحة التسهيل مثلا. نعم لو لم يكن في البين حينئذ امر من الشارع باتيان الفعل الاضطراري عند تحقق موضوعه أمكن لنا دعوى عدم الجواز بلحاظ مقدمية المأتى به الاضطراري لتفويت مصلحة الخصوصية بناءا على القول بها لكن لازمه أيضا هو عدم الاجزاء بلحاظ وقوعه حينئذ حراما ومنهيا عنه وإلا فبناء على القول بمنع المقدمية وكونه مجرد التلازم الخارجي كما هو التحقيق على ما يأتي بيانه في مبحث الضد إن شاء الله تعالى لا مقتضي لعدم الجواز أيضا فيجوز له البدار وان عصى بتفويته لمصلحة الخصوصية. هذا كله فيما إذا كان موضوع التكليف هو مطلق الاضطرار بالطبيعة.
وأما ما كان موضوعه هو الاضطرار إلى الطبيعة على الاطلاق كما استفدناه من نحو قاعدة الميسور وعمومات الحرج والاضطرار ففيها لا مقتضي لعدم جواز البدار إلا من جهة التشريع ، من جهة وضوح عدم استلزام البدار باتيان الفعل الاضطراري حينئذ لتفويت مصلحة الفعل الاختياري وحينئذ فلابد من ملاحظة شقوق المسألة ، فمع العلم بطرو الاختيار في الوقت لايجوز له البدار باتيان الفعل الاضطراري بعنوان الامر به من جهة كونه حينئذ تشريعا محرما. واما مع عدم العلم بطرو الاختيار في الوقت واحتمال بقاء الاضطرار إلى آخر الوقت ، فان بنينا على كفاية احتمال الامر في صحة العبادة مع الامكان ، فلا اشكال في أن لازمه هو جواز بداره فيجوز له حينئذ البدار باتيان الفعل الاضطراري بداعي احتمال الامر ، فإذا بقى اضطراره من باب الاتفاق إلى آخر الوقت يجزيه عن القضاء في خارج الوقت على التفصيل المتقدم وإذا لم يبق اضطراره إلى آخر الوقت يجب عليه الإعادة في الوقت ، من جهة كشف اختياره في الوقت عن عدم الامر بالفعل الاضطراري وعدم رجحانه حين الاتيان به. وأما ان بنينا على إعتبار الجزم بالامر في صحة العبادة ومشروعية الدخول فيها ، فلازمه هو عدم جواز البدار ووجوب تأخيره إلى