(قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٨) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٩) يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً) (٢٠)
____________________________________
رَحْمَةً) أى أو يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمة فاختصر الكلام أو حمل الثانى على الأول لما فى العصمة من معنى المنع (وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا) ينفعهم (وَلا نَصِيراً) يدفع عنهم الضرر (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) أى المثبطين للناس عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم المنافقون (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ) من منافقى المدينة (هَلُمَّ إِلَيْنا) وهو صوت سمى به فعل متعد نحوا حضر أو قرب ويستوى فيه الواحد والجماعة على لغة أهل الحجاز وأما بنو تميم فيقولون هلم يا رجل وهلموا يا رجال أى قربوا أنفسكم إلينا وهذا يدل على أنهم عند هذا القول خارجون من* المعسكر متوجهون نحو المدينة (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ) أى الحراب والقتال (إِلَّا قَلِيلاً) أى إتيانا أو زمانا أو بأسا قليلا فإنهم يعتذرون ويثبطون ما أمكن لهم ويخرجون مع المؤمنين يوهمونهم أنهم معهم ولا تراهم يبارزون ويقاتلون إلا شيئا قليلا إذا اضطروا إليه كقوله تعالى (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً) وقيل إنه من تتمة كلامهم معناه ولا يأتى أصحاب محمد حرب الأحزاب ولا يقاومونهم إلا قليلا (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) أى بخلاء عليكم بالمعاونة أو النفقة فى سبيل الله أو الظفر والغنيمة جمع شحيح ونصبه على الحالية من فاعل يأتون أو* من المعوقين أو على الذم (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ) فى أحداقهم (كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) صفة لمصدر ينظرون أو حال من فاعله أو لمصدر تدور أو حال من أعينهم أى ينظرون نظرا كائنا كنظر المغشى عليه من معالجة سكرات الموت حذرا وخورا ولواذا بك أو ينظرون* كائنين كالذى الخ أو تدور أعينهم دورانا كائنا كدوران عينه أو تدور أعينهم كائنة كعينه (فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ) وحيزت الغنائم (سَلَقُوكُمْ) ضربوكم (بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) وقالوا وفروا قسمتنا فإنا قد شاهدناكم وقاتلنا معكم وبمكاننا غلبتم عدوكم وبنا نصرتم عليه والسلق البسط بقهر باليد أو باللسان وقرىء صلقوكم (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) نصب على الحالية أو الذم ويؤيده القراءة بالرفع (أُولئِكَ) الموصوفون بما ذكر من صفات السوء (لَمْ يُؤْمِنُوا) بالإخلاص (فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ) أى أظهر بطلانها إذ لم يثبت لهم أعمال* فتبطل أو أبطل تصنعهم ونفاقهم فلم يبق مستتبعا لمنفعة دنيوية أصلا (وَكانَ ذلِكَ) الإحباط (عَلَى اللهِ يَسِيراً) هينا وتخصيص يسره بالذكر مع أن كل شىء عليه تعالى يسير لبيان أن أعمالهم حقيقة بأن يظهر حبوطها لكمال تعاضد الدواعى وعدم الصوارف بالكلية (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا) أى هؤلاء