(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ (٣٨) يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ (٣٩) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ (٤٠) وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) (٤٢)
____________________________________
لا يقوى عليه الإنسان وما ذاك إلا لجهله بالله سبحانه وكيفية استنبائه (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً) فيما يدعيه من* الرسالة أى ومثل ذلك التزيين البليغ المفرط (زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ) فانهمك فيه أنهما كالا يرعوى عنه بحال (وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) أى سبيل الرشاد والفاعل فى الحقيقة هو الله تعالى ويؤيده قراءة زين بالفتح وبالتوسط* لشيطان وقرىء وصد على أن فرعون صد الناس عن الهدى بأمثال هذه التمويهات والشهات ويؤيده قوله تعالى (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ) أى خسار وهلاك أو على أنه من صد صدودا أى أعرض* وقرىء بكسر الصاد على نقل حركة الدال إليه وقرىء وصد على أنه عطف على سوء عمله وقرىء وصدوا أى هو وقومه (وَقالَ الَّذِي آمَنَ) أى مؤمن آل فرعون وقيل موسى عليهالسلام (يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ) فيما دللتكم عليه (أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) أى سبيلا يصل سالكه إلى المقصود وفيه تعريض بأن ما يسلكه فرعون وقومه سبيل الغى والضلال (يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ) أى تمتع يسير لسرعة زوالها أجمل لهم أولا ثم فسر فافتتح بذم الدنيا وتصغير شأنها لأن الإخلاد إليها رأس كل شر ومنه تتشعب فنون ما يؤدى إلى سخط الله تعالى ثم ثنى بتعظيم الآخرة فقال (وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ) لخلودها ودوام ما فيها (مَنْ عَمِلَ) فى الدنيا (سَيِّئَةً فَلا يُجْزى) فى الآخرة (إِلَّا مِثْلَها) عدلا من الله سبحانه وفيه دليل على أن الجنايات تغرم بأمثالها (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ) الذين عملوا ذلك (يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) أى بغير تقدير وموازنة بالعمل بل أضعافا مضاعفة فضلا* من الله عزوجل ورحمة وجعل العمل عمدة والإيمان حالا للإيذان بأنه لا عبرة بالعمل بدونه وأن ثوابه أعلى من ذلك (يا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) كرر نداءهم إيقاظا لهم عن حالة؟؟؟ الغفلة واعتناء بالمنادى له ومبالغة فى توبيخهم على ما يقائلون به نصحه ومدار التعجب الذى يلوح فى؟؟؟ الاستفهام دعوتهم إياه إلى النار ودعوته إياهم إلى النجاة كأنه قيل أخبرونى كيف هذه الحال أدعوكم إلى الخير وتدعوننى إلى الشر وقد جعله بعضهم من قبيل مالى أراك حزينا وقوله تعالى (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ) بدل أو بيان فيه تعليل والدعاء كالهداية فى التعدية بإلى واللام (وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ) بشركته له تعالى فى المعبودية وقيل بربوبيته (عِلْمٌ) والمراد نفى المعلوم والإشعار بأن الألوهية لا بد لها من برهان موجب