(وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ (١٣) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ (١٤) فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ (١٥) وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (١٦)
____________________________________
منطوقه يتطرق إليه باعتبار ما يلزم مدلوله كما مر فى قوله تعالى (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ) بيان لما يستتبعه قولهم ذلك فى الآخرة من المضرة لأنفسهم بعد بيان عدم منفعته لمخاطبيهم أصلا والتعبير عن الخطايا بالأثقال للإيذان بغاية ثقلها وكونها قادحة واللام جواب قسم مضمر أى وبالله ليحملن أثقال أنفسهم كاملة (وَأَثْقالاً) أخر (مَعَ أَثْقالِهِمْ) لما تسببوا بالإضلال والحمل على الكفر والمعاصى من غير أن ينتقص من أثقال من أضلوه شىء ما أصلا (وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) سؤال تقريع وتبكيت (عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ) أى يختلقونه فى الدنيا من الأكاذيب والأباطيل التى من جملتها كذبهم هذا (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) شروع فى بيان افتتان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأذية أممهم إثر بيان افتتان المؤمنين بأذية الكفار تأكيدا للإنكار على الذين يحسبون أن يتركوا بمجرد الإيمان بلا ابتلاء وحثا لهم على الصبر فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حيث ابتلوا بما أصابهم من جهة أممهم من فنون المكاره وصبروا عليها فلأن يصبر هؤلاء أولى وأحرى قالوا كان عمر نوح عليهالسلام ألفا وخمسين عاما بعث على رأس أربعين سنة ودعا قومه تسعمائة وخمسين سنة وعاش بعد الطوفان ستين سنة وعن وهب أنه عاش ألفا وأربعمائة سنة ولعل ما عليه النظم الكريم للدلالة على كمال العدد فإن تسعمائة وخمسين قد يطلق على ما يقرب منه ولما فى ذكر الألف من تخييل طول المدة فإن المقصود من القصة تسلية رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتثبيته على ما كان عليه من مكابدة ما يناله من الكفرة وإظهار ركاكة رأى الذين يحسبون أنهم يتركون بلا ابتلاء واختلاف المميز لما فى التكرير من نوع بشاعة (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ) أى عقب تمام المدة المذكورة والطوفان يطلق على كل ما يطوف بالشىء على كثرة وشدة* من السيل والريح والظلام وقد غلب على طوفان الماء (وَهُمْ ظالِمُونَ) أى والحال أنهم مستمرون على الظلم لم* يتأثروا بما سمعوا من نوح عليهالسلام من الآيات ولم يرعووا عما هم عليه من الكفر والمعاصى هذه المدة المتمادية (فَأَنْجَيْناهُ) أى نوحا عليهالسلام (وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ) أى ومن ركب فيها معه من أولاده وأتباعه وكانوا ثمانين وقيل ثمانية وسبعين وقيل عشرة وقيل ثمانية نصفهم ذكور ونصفهم إناث (وَجَعَلْناها) أى السفينة أو الحادثة والقصة (آيَةً لِلْعالَمِينَ) يتعظون بها (وَإِبْراهِيمَ) نصب بالعطف على (نُوحاً) وقيل