(لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٤٣) فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (٤٤) فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) (٤٦)
____________________________________
العلم بها (وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) الجامع لجميع صفات الألوهية من كمال القدرة والغلبة وما يتوقف عليه من العلم والإرادة والتمكن من المجازاة والقدرة على التعذيب والغفران (لا جَرَمَ) لا رد لما دعوه إليه وجرم فعل ماض بمعنى حق وفاعله قوله تعالى (أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ) أى حق ووجب عدم دعوة آلهتكم إلى عبادتها أصلا أو عدم دعوة مستجابة دعوة لها وقيل جرم بمعنى كسب وفاعله مستكن فيه أى كسب ذلك الدعاء إليه بطلان دعوته بمعنى ما حصل من ذلك إلا ظهور بطلان دعوته وقيل جرم فعل من الجرم وهو القطع كما أن بدأ من لا بد فعل من التبديد أى التفريق والمعنى لا قطع لبطلان ألوهية الأصنام أى لا ينقطع فى وقت ما فينقلب حقا ويؤيده قولهم* لا جرم أنه يفعل بضم الجيم وسكون الراء وفعل وفعل أخوان كرشد ورشد (وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ) أى بالموت عطف على أن ما تدعوننى داخل فى حكمه وكذا قوله تعالى (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ) أى فى الضلال والطغيان كالإشراك وسفك الدماء (هُمْ أَصْحابُ النَّارِ) أى ملازموها (فَسَتَذْكُرُونَ) وقرىء فستذكرون أى فسيذكر بعضكم بعضا عند معاينة العذاب (ما أَقُولُ لَكُمْ) من النصائح (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ) قاله لما أنهم كانوا توعدوه (إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) فيحرس من يلوذ به من المكاره (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) شدائد مكرهم وما هموا به من إلحاق أنواع العذاب بمن خالفهم قيل نجامع موسى عليهالسلام* (وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ) أى بفرعون وقومه وعدم التصريح به للاستغناء بذكرهم عن ذكره ضرورة أنه أولى منهم بذلك وقيل بطلبة المؤمن من قومه لما أنه فر إلى جبل فاتبعه طائفة ليأخذوه فوجدوه يصلى والوحوش صفوف حوله فرجعوا رعبا فقتلهم (سُوءُ الْعَذابِ) الغرق والقتل والنار (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) جملة مستأنفة مسوقة لبيان كيفية سوء العذاب أو النار خبر مبتدأ محذوف كأن قائلا قال ما سوء العذاب فقيل هو النار ويعرضون استئناف للبيان أو بدل من سوء العذاب ويعرضون حال منها أو من الآل ولا يشترط فى الحيق أن يكون الحائق ذلك السوء بعينه حتى يرد أن آل فرعون لم يهموا بتعذيبه بالنار ليكون ابتلاؤهم بها من قبيل رجوع ما هموا به عليهم بل يكفى فى ذلك أن يكون مما يطلق عليه اسم السوء وقرئت منصوبة على الاختصاص أو بإضمار فعل يفسره يعرضون مثل يصلون فإن عرضهم على النار بإحراقهم بها من قولهم عرض الأسارى على السيف إذا قتلوا به وذلك لأرواحهم