(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٤٠) إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٤١) اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٤٢)
____________________________________
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) لوضوح الدليل وسنوح السبيل (قُلْ) تبكيتا لهم (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ) أى بعد ما تحققتم أن خالق العالم العلوى والسفلى هو الله عزوجل فأخبرونى أن آلهتكم إن أرادنى الله بضر هل يكشفن عنى ذلك* الضر (أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ) أى أو أرادنى بنفع (هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) فيمنعنها عنى وقرىء كاشفات ضره وممسكات رحمته بالتنوين فيهما ونصب ضره ورحمته وتعليق إرادة الضر والرحمة بنفسه عليه الصلاة والسلام للرد فى نحورهم حيث كانوا خوفوه معرة الأوثان ولما فيه من الإيذان بإمحاض النصيحة* (قُلْ حَسْبِيَ اللهُ) أى فى جميع أمورى من إصابة الخير ودفع الشر روى أنه صلىاللهعليهوسلم لما سألهم سكتوا فنزل ذلك (عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) لا على غيره أصلا لعلمهم بأن كل ما سواه تحت ملكوته تعالى (قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) على حالتكم التى أنتم عليها من العداوة التى تمكنتم فيها فإن المكانة تستعار من العين* للمعنى كما تستعار هنا وحيث للزمان مع كونهما للمكان وقرىء على مكاناتكم (إِنِّي عامِلٌ) أى على مكانتى فحذف للاختصار والمبالغة فى الوعيد والإشعار بأن حاله لا تزال تزداد قوة بنصر الله عزوجل وتأييده ولذلك توعدهم بكونه منصورا عليهم فى الدارين بقوله تعالى (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ) فإن خزى أعدائه دليل غلبته عليه الصلاة والسلام وقد عذبهم الله تعالى وأخزاهم يوم بدر (وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) أى دائم هو عذاب النار (إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ) لأجلهم فإنه مناط مصالحهم فى المعاش والمعاد (بِالْحَقِّ) حال من فاعل أنزلنا أو من مفعوله (فَمَنِ اهْتَدى) بأن عمل بما فيه (فَلِنَفْسِهِ) أى إنما نفع به نفسه (وَمَنْ ضَلَّ) بأن لم يعمل بموجبه (فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) لما أن وبال ضلاله مقصور عليها (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) لتجبرهم على الهدى وما وظيفتك إلا البلاغ وقد بلغت أى بلاغ (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) أى يقبضها من الأبدان