(ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) (٣٨)
____________________________________
للإسلام وتوفيقك لحسن تربيته ومراعاته (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) بالعمل بما وفقك الله له من فنون الإحسان* التى من جملتها تحريره وهو زيد بن حارثة وإيراده بالعنوان المذكور لبيان منافاة حاله لما صدر عنه صلىاللهعليهوسلم من إظهار خلاف ما فى ضميره إذ هو إنما يقع عند الاستحياء أو الاحتشام وكلاهما مما لا يتصور فى حق زيد (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) أى زينب وذلك أنه صلىاللهعليهوسلم أبصرها بعد ما أنكحها إياه فوقعت فى نفسه حالة* جبلية لا يكاد يسلم منها البشر فقال سبحان الله مقلب القلوب وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد ففطن لذلك ووقع فى نفسه كراهة صحبتها فأتى النبى صلىاللهعليهوسلم وقال أريد أن أفارق صاحبتى فقال ما لك أرابك منها شىء قال لا والله ما رأيت منها إلا خيرا ولكنها لشرفها تتعظم على فقال له أمسك عليك زوجك (وَاتَّقِ اللهَ) فى أمرها فلا تطلقها إضرارا وتعللا بتكبرها (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) وهو نكاحها إن طلقها أو إرادة طلاقها (وَتَخْشَى النَّاسَ) تعييرهم إياك به (وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) إن كان فيه ما يخشى والواو للحال وليست المعاتبة على الإخفاء وحده بل على الإخفاء مخافة قالة الناس وإظهار ما ينافى إضماره فإن الأولى فى أمثال ذلك أن يصمت أو يفوض الأمر إلى ربه (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) بحيث لم يبق له فيها حاجة وطلقها وانقضت عدتها وقيل قضاء الوطر كناية عن الطلاق مثل لا حاجة لى فيك (زَوَّجْناكَها) وقرىء* زوجتكها والمراد الأمر بتزويجها منه صلىاللهعليهوسلم وقيل جعلها زوجته بلا واسطة عقد ويؤيده أنها كانت تقول لسائر نساء النبى صلىاللهعليهوسلم إن الله تعالى تولى نكاحى وأنتن زوجكن أولياؤكن وقيل كان زيد السفير فى خطبتها وذلك ابتلاء عظيم وشاهد عدل بقوة إيمانه (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ) ضيق ومشقة (فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ) أى فى حق تزوجهن (إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً) فإن لهم فى رسول الله أسوة حسنة وفيه دلالة على أن حكمه صلىاللهعليهوسلم وحكم الأمة سواء إلا ما خصه الدليل (وَكانَ أَمْرُ اللهِ) أى ما يرتد تكوينه من الأمور أو مأموره الخاص بكن (مَفْعُولاً) مكونا لا محالة اعتراض تذييلى مقرر لما قبله (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ) أى ما صح وما استقام فى الحكمة أن يكون له ضيق (فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) أى قسم له وقدر من قولهم فرض له فى الديوان كذا ومنه فروض العساكر لأعطياتهم (سُنَّةَ اللهِ) اسم موضوع موضع المصدر كقولهم ترابا وجندلا مؤكد لما قبله من نفى الحرج أى سن الله ذلك سنة (فِي الَّذِينَ خَلَوْا) مضوا (مِنْ قَبْلُ) من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حيث وسع عليهم فى باب النكاح وغيره ولقد كانت لداود عليهالسلام مائة امرأة وثلثمائة سرية ولسليمان عليهالسلام ثلثمائة امرأة وسبعمائة سرية وقوله تعالى (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) أى قضاء مقضيا وحكما مبتوتا اعتراض وسط بين الموصولين الجاريين مجرى الواحد للمسارعة إلى تقرير نفى الحرج وتحقيقه.