(وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (٨٠) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ (٨١) وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ) (٨٢)
____________________________________
وهو حال من الجبال أو استئناف مبين لكيفية التسخير ومع متعلقة بالتسخير وقيل بالتسبيح وهو بعيد* (وَالطَّيْرَ) عطف على الجيال أو مفعول معه وقرىء بالرفع على الابتداء والخبر محذوف أى والطير* مسخرات وقيل على العطف على الضمير فى يسبحن وفيه ضعف لعدم التأكيد والفصل (وَكُنَّا فاعِلِينَ) أى من شأننا أن نفعل أمثاله فليس ذلك ببدع منا وإن كان بديعا عندكم (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ) أى عمل الدرع وهو فى الأصل اللباس قال قائلهم[ألبس لكل حالة لبوسها * إما نعيمها وإما بوسها] وقيل كانت صفائح فحلقها وسردها (لَكُمْ) متعلق بعلمنا أو بمحذوف هو صفة لبوس (لِتُحْصِنَكُمْ) أى اللبوس بتأويل الدرع وقرىء بالتذكير على أن الضمير لداود عليهالسلام أو للبوس وقرىء بنون العظمة وهو بدل اشتمال من لكم بإعادة الجار مبين لكيفية الاختصاص والمنفعة المستفادة من لام لكم (مِنْ بَأْسِكُمْ) قيل من حرب عدوكم وقيل من وقع السلاح فيكم (فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ) أمر وارد على صورة الاستفهام للمبالغة أو التقريع (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) أى وسخرنا له الريح وإيراد اللام ههنا دون الأول للدلالة على ما بين التسخيرين من التفاوت فإن تسخير ما سخر له عليهالسلام من الريح وغيرها كان بطريق الانقياد الكلى له والامتثال بأمره ونهيه والمقهورية تحت ملكوته وأما تسخير الجبال والطير لداود عليهالسلام فلم يكن بهذه المثابة* بل بطريق التبعية له عليهالسلام والاقتداء به فى عبادة الله عز وعلا (عاصِفَةً) حال من الريح والعامل فيها الفعل المقدر أى وسخرنا له الريح حال كونها شديدة الهبوب من حيث إنها كانت تبعد بكرسيه فى مدة يسيرة من الزمان كما قال تعالى (غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) وكانت رخاء فى نفسها طيبة وقيل كانت رخاء تارة وعاصفة أخرى حسب إرادته عليهالسلام وقرىء الريح بالرفع على الابتداء والخبر هو الظرف المقدم وعاصفة حينئذ حال من ضمير المبتدأ فى الخبر والعامل ما فيه من معنى الاستقرار وقرىء الرياح نصبا* ورفعا (تَجْرِي بِأَمْرِهِ) بمشيئته حال ثانية أو بدل من الأولى أو حال من ضميرها (إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) وهى الشأم رواحا بعد ما سار به منه بكرة قال الكلبى كان سليمان عليهالسلام وقومه يركبون عليها* من اصطخر إلى الشأم وإلى حيث شاء ثم يعود إلى منزله (وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ) فنجريه حسبما تقتضيه الحكمة (وَمِنَ الشَّياطِينِ) أى وسخرنا له من الشياطين (مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) فى البحار ويستخرجون له من نفائسها وقيل من رفع على الابتداء وخبره ما قبله والأول هو الأظهر (وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ) أى غير ما ذكر من بناء المدن والقصور واختراع الصنائع الغريبة لقوله تعالى (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ) الآية وهؤلاء إما الفرقة الأولى أو غيرها لعموم كلمة من كأنه قيل ومن يعملون وجمع الضمير الراجع إليها باعتبار معناها بعد ما رشح جانبه بقوله تعالى (وَمِنَ الشَّياطِينِ) روى أن المسخر له عليهالسلام كفارهم