المذكور الذى لا يكادون يسمعونه ومصداقه (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ) وهى الجساسة وفى التعبير عنها باسم الجنس وتأكيد إبهامه بالتنوين التفخيمى من الدلالة على غرابة شأنها وخروج أوصافها عن طور البيان مالا يخفى وقد ورد فى الحديث أن طولها ستون ذراعا لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب وروى أن لها أربع قوائم ولها زغب وريش وجناحان وعن ابن جريج فى وصفها رأس ثور وعين خنزير وأذن فيل وقرن أيل وعنق نعامة وصدر أسد ولون نمر وخاصرة هرة وذنب كبش وخف بعير وما بين المفصلين اثنا عشر ذراعا بذراع آدم عليهالسلام وقال وهب وجهها وجه الرجل وباقى خلقها خلق الطير وروى عن على رضى الله عنه أنه قال ليس بدابة لها ذنب ولكن لها لحية كأنه يشير إلى أنه رجل والمشهور أنها دابة وروى لا تخرج إلا رأسها ورأسها يبلغ عنان السماء أو يبلغ السحاب وعن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه فيها كل لون ما بين قرنيها فرسخ للراكب وعن الحسن رضى الله عنه لا يتم خروجها إلا بعد ثلاثة أيام وعن على رضى الله عنه أنها تخرج ثلاثة أيام والناس ينظرون فلا يخرج كل يوم إلا ثلثها وعن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه سئل من أين تخرج الدابة فقال من أعظم المساجد حرمة على الله تعالى يعنى المسجد الحرام وروى أنها تخرج ثلاث خرجات تخرج بأقصى اليمن ثم تتكمن ثم تخرج بالبادية ثم تتكمن دهرا طويلا فبينا الناس فى أعظم المساجد حرمة على الله تعالى وأكرمها فما يهولهم إلا خروجها من بين الركن حذاء دار بنى مخزوم عن يمين الخارج من المسجد فقوم يهربون وقوم يقفون نظارة وقيل تخرج من الصفا وروى بينا عيسى عليهالسلام يطوف بالبيت ومعه المسلمون إذ تضطرب الأرض تحتهم تحرك القنديل وينشق الصفا مما يلى المسعى فتخرج الدابة من الصفا ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليهماالسلام فتضرب المؤمن فى مسجده بالعصا فتنكت نكتة بيضاء فتفشو حتى يضىء لها وجهه وتكتب بين عينيه مؤمن وتنكت الكافر بالخاتم فى أنفه فتفشو النكتة حتى يسود لها وجهه وتكتب بين عينيه كافر ثم تقول لهم أنت يا فلان من أهل الجنة وأنت يا فلان من أهل النار وروى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قرع الصفا بعصاه وهو محرم وقال إن الدابة لتسمع قرع عصاى هذه وروى أبو هريرة عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال بئس الشعب شعب أجياد مرتين أو ثلاثا قيل ولم ذاك يا رسول الله قال تخرج منه الدابة فتصرخ ثلاث صرخات يسمعها من بين الخافقين فتتكلم بالعربية بلسان ذلق وذلك قوله تعالى (تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) أى تكلمهم بأنهم كانوا لا يوقنون بآيات* الله تعالى الناطقة بمجىء الساعة ومباديها أو بجميع آياته التى من جملتها تلك الآيات وقيل بآياته التى من جملتها خروجها بين يدى الساعة والأول هو الحق كما ستحيط به علما وقرىء بأن الناس الآية وإضافة الآيات إلى نون العظمة لأنها حكاية منه تعالى لمعنى قولها لا لعين عبارتها وقيل لأنها حكاية منها لقول الله عزوجل وقيل لاختصاصها به تعالى وإثرتها عنده كما يقول بعض خواص الملك خيلنا وبلادنا وإنما الخيل والبلاد لمولاه وقيل هناك مضاف محذوف أى بآيات ربنا ووصفهم بعدم الإيقان بها مع أنهم كانوا جاحدين بها للإيذان بأنه كان من حقهم أن يوقنوا بها ويقطعوا بصحتها وقد اتصفوا بنقيضه وقرىء إن الناس بالكسر على إضمار القول أو إجراء الكلام مجراه والكلام فى الإضافة كالذى سبق وقيل هو استئناف مسوق من جهته تعالى لتعليل إخراجها أو تكليمها ويرده الجمع بين صيغتى الماضى والمستقبل