(وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٣) وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) (٥٤)
____________________________________
ما نقول والحال إنا لصادقون فى ذلك لأن الشاهد للشىء غير المباشر له عرفا أو لأنا ما شاهدنا مهلكهم وحده بل مهلكه ومهلكهم جميعا كقولك ما رأيت ثمة رجلا بل رجلين (وَمَكَرُوا مَكْراً) بهذه المواضعة (وَمَكَرْنا مَكْراً) أى أهلكناهم إهلاكا غير معهود (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أو جازيناهم مكرهم من حيث لا يحتسبون (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ) شروع فى بيان ما ترتب على ما باشروه من المكر وكيف معلقة لفعل النظر ومحل الجملة النصب بنزع الخافض أى فتفكر فى أنه كيف كان عاقبة مكرهم وقوله تعالى (أَنَّا دَمَّرْناهُمْ) إما بدل من عاقبة مكرهم على أنه فاعل كان وهى تامة وكيف حال أى فانظر كيف حصل أى على أى وجه حدث تدميرنا إياهم وإما خبر لمبتدأ محذوف والجملة مبينة لما فى عاقبة مكرهم من الإبهام أى هى تدميرنا إياهم (وَقَوْمَهُمْ) الذين لم يكونوا معهم فى مباشرة التبييت (أَجْمَعِينَ) بحيث لم يشذ منهم شاذ وإما تعليل لما* ينبىء عنه الأمر بالنظر فى كيفية عاقبة مكرهم من غاية الهول والفظاعة بحذف الجار أى لأنا دمرناهم الخ وقيل كان ناقصة اسمها عاقبة مكرهم وخبرها كيف كان فالأوجه حينئذ ان يكون قوله تعالى (أَنَّا دَمَّرْناهُمْ) الخ تعليلا لما ذكر وقرىء إنا دمرناهم الخ بالكسر على الاستئناف. روى أنه كان لصالح عليهالسلام مسجد فى الحجر فى شعب يصلى فيه فقالوا زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاث فنحن نفرغ منه ومن أهله قبل الثلاث فخرجوا إلى الشعب وقالوا إذا جاء يصلى قتلناه ثم رجعنا إلى أهله فقتلناهم فبعث الله تعالى صخرة من الهضب حيالهم فبادروا فطبقت الصخرة عليهم فم الشعب فلم يدر قومهم أين هم ولم يدروا ما فعل بقومهم وعذب الله تعالى كلا منهم فى مكانه ونجى صالحا ومن معه وقيل جاءوا بالليل شاهرى سيوفهم وقد ارسل الله تعالى الملائكة ملء دار صالح فدمغوهم بالحجارة يرون الحجارة ولا يرون راميا (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ) جملة مقررة لما قبلها وقوله تعالى (خاوِيَةً) أى خالية او ساقطة متهدمة (بِما ظَلَمُوا) أى بسبب ظلمهم المذكور حال من بيوتهم والعامل معنى الإشارة وقرىء خاوية بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف (إِنَّ فِي ذلِكَ) أى فيما ذكر من التدمير العجيب بظلمهم (لَآيَةً) لعبرة عظيمة (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أى ما من شأنه أن يعلم شيئا من الأشياء أو لقوم يتصفون بالعلم (وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) صالحا ومن معه من المؤمنين (وَكانُوا يَتَّقُونَ) ٥٣ أى الكفر والمعاصى اتقاء مستمرا فلذلك خصوا بالنجاة (وَلُوطاً) منصوب بمضمر معطوف على أرسلنا