(قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (٤٧) وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (٤٨) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ) (٤٩)
____________________________________
الصلاة والسلام للفريق الكافر منهم بعد ما شاهد منهم ما شاهد من نهاية العتو والعناد حتى بلغوا من المكابرة إلى أن قالوا له عليه الصلاة والسلام يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين (يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ) أى بالعقوبة السيئة (قَبْلَ الْحَسَنَةِ) أى التوبة فتؤخرونها إلى حين نزولها حيث كانوا من جهلهم وغوايتهم يقولون إن وقع إيعاده تبنا حينئذ وإلا فنحن على ما كنا عليه (لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ) هلا تستغفرونه تعالى قبل نزولها (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) بقبولها إذ لا إمكان للقبول عند النزول (قالُوا اطَّيَّرْنا) أصله تطيرنا والتطير التشاؤم عبر عنه بذلك لما أنهم كانوا إذا خرجوا مسافرين فيمرون بطائر يزجرونه فإن مر سانحا تيمنوا وإن مر بارحا تشاءموا فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر استعير لما كان* سببا لهما من قدر الله تعالى وقسمته أو من عمل العبد أى تشاءمنا (بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) فى دينك حيث تتابعت علينا الشدائد وقد كانوا قحطوا أو لم نزل فى اختلاف وافتراق مذاخترعتم دينكم (قالَ طائِرُكُمْ) أى سببكم* الذى منه ينالكم ما ينالكم من الشر (عِنْدَ اللهِ) وهو قدره أو عملكم المكتوب عنده وقوله تعالى (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) أى تختبرون بتعاقب السراء والضراء أو تعذبون أو يفتنكم الشيطان بوسوسته إليكم ٤٨ الطيرة إضراب من بيان طائرهم الذى هو مبدأ ما يحيق بهم إلى ذكر ما هو الداعى إليه (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ) وهى الحجر (تِسْعَةُ رَهْطٍ) أى أشخاص وبهذا الاعتبار وقع تمييزا للتسعة لا باعتبار لفظه والفرق بينه وبين النفر أنه من الثلاثة أو من السبعة إلى العشرة والنفر من الثلاثة إلى التسعة وأسماؤهم حسبما نقل عن وهب : الهذيل بن عبد رب وغنم بن غنم ورئاب بن مهرج ومصدع بن مهرج وعمير بن كردبة وعاصم بن مخرمة وسبيط بن صدقة وشمعان بن صفى وقدار بن سالف وهم الذين سعوا فى عقر الناقة وكانوا عتاة قوم صالح وكانوا من أبناء أشرافهم (يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) لا فى المدينة فقط إفسادا بحتا لا يخالطه شىء ما من الإصلاح كما ينطق به قوله تعالى (وَلا يُصْلِحُونَ) أى لا يفعلون شيئا من الإصلاح أو لا يصلحون شيئا من الأشياء (قالُوا) استئناف ببيان بعض ما فعلوا من الفساد أى قال بعضهم لبعض فى أثناء المشاورة فى أمر صالح عليه الصلاة والسلام وكان ذلك غب ما أنذرهم بالعذاب وقوله تمتعوا فى داركم ثلاثة أيام الخ (تَقاسَمُوا بِاللهِ) إما أمر مقول لقالوا أو ماض وقع بدلا منه أو حالا من فاعله بإضمار قد وقوله تعالى (لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ) أى لنباغتن صالحا وأهله ليلا ونقتلنهم وقرىء بالتاء على خطاب بعضهم لبعض وقرىء بياء الغيبة وضم التاء على أن تقاسموا فعل ماض (ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ) أى لولى صالح وقرىء بالتاء والياء كما قبله (ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ) أى ما حضرنا هلاكهم أو وقت هلاكهم أو مكان هلاكهم فضلا أن نتولى إهلاكهم وقرىء مهلك بفتح اللام فيكون مصدرا (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) من تمام القول أو حال أى نقول