(اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦) قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٧) اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) (٢٨)
____________________________________
فى قوله [ألا يا أسلمى يا دارمى على البلى] ونظائره وعلى هذا يحتمل أن يكون استئنافا من جهة الله عزوجل أو من سليمان عليهالسلام ويوقف على لا يهتدون ويكون أمرا بالسجود وعلى الوجوه المتقدمة ذما على تركه وأياما كان فالسجود واجب وقرىء هلا وهلا بقلب الهمزتين هاء وقرىء هلا تسجدون* بمعنى ألا تسجدون على الخطاب (الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أى يظهر ما هو مخبوء ومخفى فيهما كائنا ما كان وتخصيص هذا الوصف بالذكر بصدد بيان تفرده تعالى باستحقاق السجود له من بين سائر أوصافه الموجبة لذلك لما أنه أرسخ فى معرفته والإحاطة بأحكامه بمشاهدة آثاره التى من* جملتها ما أودعه الله تعالى فى نفسه من القدرة على معرفة الماء تحت الأرض وأشار بعطف قوله (وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ) على يخرج إلى أنه تعالى يخرج ما فى العالم الإنسانى من الخفايا كما يخرج ما فى العالم الكبير من الخبايا لما أن المراد يظهر ما تخفونه من الأحوال فيجازيكم بها وذكر ما تعلنون لتوسيع دائرة العلم أو للتنبيه على تساويهما بالنسبة إلى العلم الإلهى وقرىء ما يخفون وما يعلنون على صيغة الغيبة بلا التفات وإخراج الخبء يعم إشراق الكواكب وإظهارها من آفاقها بعد استتارها وراءها وإنزال الأمطار وإنبات النبات بل الإنشاء الذى هو إخراج ما فى الشىء بالقوة إلى الفعل والإبداع الذى هو إخراج ما فى الإمكان والعدم إلى الوجود وغير ذلك من غيوبه عزوجل وقرىء الخب بتخفيف الهمزة بالحذف وقرىء الخبا بتخفيفها بالقلب وقرىء ألا تسجدون لله الذى يخرج الخبء من السماء والأرض ويعلم سركم وما تعلنون (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) الذى هو أول الأجرام وأعظمها وقرىء العظيم بالرفع على أنه صفة الرب واعلم أن ما حكى من الهدهد من قوله الذى يخرج الخبء إلى هنا ليس داخلا تحت قوله أحطت بما لم تحط به وإنما هو من العلوم والمعارف التى اقتبسها من سليمان عليهالسلام أورده بيانا لما هو عليه وإظهارا لتصلبه فى الدين وكل ذلك لتوجيه قلبه عليه الصلاة والسلام نحو قبول كلامه وصرف عنان عزيمته عليهالسلام إلى غزوها وتسخير ولايتها (قالَ) استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من حكاية كلام الهدهد كأنه قيل فماذا فعل سليمان عليهالسلام عند ذلك فقيل قال (سَنَنْظُرُ) * أى فيما ذكرته من النظر بمعنى التأمل والسين للتأكيد أى سنتعرف بالتجربة البتة (أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) كان مقتضى الظاهر أم كذبت وإيثار ما عليه النظم الكريم للإيذان بأن كذبه فى هذه المادة يستلزم انتظامه فى سلك الموسومين بالكذب الراسخين فيه فإن مساق هذه الأقاويل الملفقة على ترتيب أنيق يستميل قلوب السامعين نحو قبولها من غير أن يكون لها مصداق أصلا لا سيما بين يدى نبى عظيم الشأن لا يكاد يصدر إلا عمن له قدم راسخ فى الكذب والإفك وقوله تعالى (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ