(فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٢٢٠) (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) (٢٢٣)
____________________________________
أى لين جانبك لهم مستعار من حال الطائر فإنه إذا أراد أن ينحط خفض جناحه ومن للتبيين لأن من اتبع أعم ممن اتبع لدين أو غيره أو للتبعيض على أن المراد بالمؤمنين المشارفون للإيمان أو المصدقون باللسان فحسب (فَإِنْ عَصَوْكَ) ولم يتبعوك (فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) أى مما تعملون أو من أعمالكم (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) الذى يقدر على قهر أعدائه ونصر أوليائه يكفك شر من يعصيك منهم ومن غيرهم وقرىء فتوكل على أنه بدل من جواب الشرط (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ) أى إلى التهجد (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) وترددك فى تصفح أحوال المتهجدين كما روى أنه لما نسخ فرض قيام الليل طاف صلىاللهعليهوسلم تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون حرصا على كثرة طاعتهم فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع منها من دندنتهم بذكر الله تعالى والتلاوة أو تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا أممتهم وإنما وصف الله تعالى ذاته بعلمه بحاله صلىاللهعليهوسلم التى بها يستأهل ولايته بعد أن عبر عنه بما ينبىء عن قهر أعدائه ونصر أوليائه من وصفى العزيز الرحيم تحقيقا للتوكل وتوطينا لقلبه عليه (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لما تقوله (الْعَلِيمُ) بما تنويه وتعمله (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ) أى تتنزل بحذف إحدى التاءين وهو استئناف مسوق لبيان استحالة تنزل الشياطين على رسول اللهصلىاللهعليهوسلم بعد بيان امتناع تنزلهم بالقرآن ودخول حرف الجر على من الاستفهامية لما أنها ليست موضوعة للاستفهام بل الأصل أمن فحذف حرف الاستفهام واستمر الاستعمال على حذفه كما حذف من هل والأصل أهل وقوله تعالى (تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) قصر لتنزلهم على كل من اتصف بالإفك الكثير والإثم الكبير من الكهنة والمتنبئة وتخصيص له بهم بحيث لايتخطاهم إلى غيرهم وحيث كانت ساحة رسول الله صلىاللهعليهوسلم منزهة عن أن يحوم حولها شائبة شىء من تلك الأوصاف اتضح استحالة تنزلهم عليه صلىاللهعليهوسلم (يُلْقُونَ) أى الأفاكون (السَّمْعَ)