٢٥ ـ سورة الفرقان
(مكية وهى سبع وسبعون آية)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (٢)
____________________________________
(سورة الفرقان مكية إلا الآيات ٦٨ و ٦٩ و ٧٠ فمدنية وآياتها ٧٧)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ) البركة النماء والزيادة حسية كانت أو معنوية وكثرة الخير ودامه أيضا ونسبتها إلى الله عزوجل على المعنى الأول وهو الأليق بالمقام باعتبار تعاليه عما سواه فى ذاته وصفاته وأفعاله التى من جملتها تنزيل القرآن الكريم المعجز الناطق بعلو شأنه تعالى وسمو صفاته وابتناء أفعاله على أساس الحكم والمصالح وخلوها عن شائبة الخلل بالكلية وصيغة التفاعل للمبالغة فيما ذكر فإن مالا يتصور نسبته إليه سبحانه حقيقة من الصيغ كالتكبر ونحوه لا تنسب إليه تعالى إلا باعتبار غايتها وعلى المعنى الثانى باعتبار كثرة ما يفيض منه على مخلوقاته لا سيما على الإنسان من فنون الخيرات التى من جملتها تنزيل القرآن المنطوى على جميع الخيرات الدينية والدنيوية والصيغة حينئذ يجوز أن تكون لإفادة نماء تلك الخيرات وتزايدها شيئا فشيئا وآنا فآنا بحسب حدوثها أو حدوث متعلقاتها ولاستقلالها بالدلالة على غاية الكمال وتحققها بالفعل والإشعار بالتعجب المناسب للإنشاء والإنباء عن نهاية التعظيم لم يجز استعمالها فى حق غيره تعالى ولا استعمال غيرها من الصيغ فى حقه تعالى والفرقان مصدر فرق بين الشيئين أى فصل بينهما سمى به القرآن لغاية فرقه بين الحق والباطل بأحكامه أو بين المحق* والمبطل بإعجازه أو لكونه مفصولا بعضه من بعض فى نفسه أو فى إنزاله (عَلى عَبْدِهِ) محمد صلىاللهعليهوسلم وإيراده صلىاللهعليهوسلم بذلك العنوان لتشريفه والإيذان بكونه صلىاللهعليهوسلم فى أقصى مراتب العبودية والتنبيه على أن الرسول* لا يكون إلا عبدا للمرسل ردا على النصارى (لِيَكُونَ) غاية للتنزيل أى نزله عليه ليكون هو صلىاللهعليهوسلم أو* الفرقان (لِلْعالَمِينَ) من الثقلين (نَذِيراً) أى منذرا أو إنذارا مبالغة أو ليكون تنزيله إنذارا وعدم التعرض للتبشير لا نسياق الكلام على أحوال الكفرة وتقديم اللام على عاملها لمراعاة الفواصل وإبراز تنزيل الفرقان فى معرض الصلة التى حقها أن تكون معلومة الثبوت للموصول عند السامع مع إنكار الكفرة له لإجرائه مجرى المعلوم المسلم تنبيها على كمال قوة دلائله وكونه بحيث لا يكاد يجهله أحد كقوله تعالى (لا رَيْبَ فِيهِ) (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أى له خاصة دون غيره لا استقلالا ولا اشتراكا