(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٥٨)
____________________________________
جواب لقسم مقدر والمخصوص بالذم محذوف أى وبالله لبئس المصير هى أى النار والجملة اعتراض تذييلى مقرر لما قبله وفى إيراد النار بعنوان كونها مأوى ومصيرا لهم إثر نفى فوتهم بالهرب فى الأرض كل مهرب من الجزالة ما لا غاية وراءه فته در شأن التنزيل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) رجوع إلى بيان تتمة الأحكام السابقة بعد تمهيد ما يوجب الامتثال بالأوامر والنواهى الواردة فيها وفى الأحكام اللاحقة من التمثيلات والترغيب والترهيب والوعد والوعيد والخطاب إما للرجال خاصة وللنساء داخلات فى الحكم بدلالة النص أو للفريقين جميعا بطريق التغليب روى أن غلاما لأسماء بنت أبى مرثد دخل عليها فى وقت كرهته فنزلت وقيل أرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم مدلج بن عمرو الأنصارى وكان غلاما وقت الظهيرة ليدعو عمر رضى الله عنه فدخل عليه وهو نائم قد انكشف عنه ثوبه فقال عمر رضى الله عنه لوددت أن الله تعالى نهى آباءنا وأبناءنا وخدمنا أن لا يدخلوا علينا هذه الساعات إلا بإذن ثم انطلق معه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فوجده وقد أنزلت عليه هذه الآية (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) من العبيد والجوارى (وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ) * أى الصبيان القاصرون عن درجة البلوغ المعهود والتعبير عنه بالحلم لكونه أظهر دلائله (مِنْكُمْ) أى من الأحرار (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) أى ثلاثة أوقات فى اليوم والليلة والتعبير عنها بالمرات للإيذان بأن مدار وجوب الاستئذان مقارنة تلك الأوقات لمرور المستأذنين بالمخاطبين لا أنفسها (مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ) * لظهور أنه وقت القيام من المضاجع وطرح ثياب النوم ولبس ثياب اليقظة ومحله النصب على أنه بدل من ثلاث مرات أو الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أى أحدها من قبل الخ (وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ) أى ثيابكم* التى تلبسونها فى النهار وتخلعونها لأجل القيلولة وقوله تعالى (مِنَ الظَّهِيرَةِ) وهى شدة الحر عند انتصاف* النهار بيان للحين والتصريح بمدار الأمر أعنى وضع الثياب فى هذا الحين دون الأول والآخر لما أن التجرد عن الثياب فيه لأجل القيلولة لقلة زمانها كما ينبىء عنها إيراد الحين مضافا إلى فعل حادث متفض ووقوعها فى النهار الذى هو مئنة لكثرة الورود والصدور ومظنة لظهور الأحوال وبروز الأمور ليس من التحقق والاطراد بمنزله ما فى الوقتين المذكورين فإن تحقق التجرد واطراده فيهما أمر معروف لا يحتاج إلى التصريح به (وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) ضرورة أنه وقت التجرد عن اللباس والالتحاف باللحاف وليس* المراد بالقبلية والبعدية المذكورتين مطلقهما المتحقق فى الوقت الممتد المتخلل بين الصلاتين كما فى قوله تعالى (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) وقوله تعالى (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) بل ما يعرض منهما