(لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦) وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) (٤٩)
____________________________________
والهيئات والحركات والطبائع والقوى والأفاعيل مع اتحاد العنصر وإظهار الاسم الجليل فى موضع الاضمار لتفخيم شأن الخلق المذكور والإيذان بأنه من أحكام الألوهية (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيفعل ما يشاء كما يشاء وإظهار الجلالة لما ذكر مع تأكيد استقلال الاستئناف التعليلى (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ) أى لكل ما يليق بيانه من الأحكام الدينية والأسرار التكوينية (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) أن يهديه بتوفيقه للنظر الصحيح فيها وإرشاده إلى التأمل فى مطاويها (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) موصل إلى حقيقة الحق والفوز بالجنة (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ) شروع فى بيان أحوال بعض من لم يشأ الله هدايته إلى الصراط المستقيم قال الحسن نزلت فى المنافقين الذين كانوا يظهرون الإيمان ويسرون الكفر وقيل نزلت فى بشر المنافق خاصم يهوديا فدعاه إلى كعب بن الأشراف واليهودى يدعوه إلى النبى صلىاللهعليهوسلم وقيل فى المغيرة بن وائل خاصم عليا رضى الله عنه فى أرض وماء فأبى أن يحاكم إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم وأياما كان فصيغة الجمع للإيذان بأن للقائل طائفة يساعدونه ويشايعونه فى تلك المقالة كما يقال بنو فلان قتلوا فلانا والقاتل واحد منهم (وَأَطَعْنا) أى أطعناهما فى الأمر والنهى (ثُمَّ يَتَوَلَّى) عن قبول حكمه (فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) أى من بعد ما صدر عنهم ما صدر من ادعاء الإيمان بالله وبالرسول والطاعة لهما على التفصيل وما فى ذلك من معنى البعد للإيذان بكونه أمرا معتدا به واجب المراعاة (وَما أُولئِكَ) إشارة إلى القائلين لا إلى الفريق المتولى منهم فقط لعدم اقتضاء نفى الإيمان عنهم نفيه عن الأولين بخلاف العكس فإن نفيه عن القائلين مقتض لنفيه عنهم على أبلغ وجه وآكده وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد منزلتهم فى الكفر والفساد أى وما أولئك الذين يدعون الإيمان والطاعة ثم يتولى بعضهم الذين يشاركونهم فى العقد والعمل (بِالْمُؤْمِنِينَ) أى المؤمنين حقيقة كما يعرب عنه اللام أى ليسوا بالمؤمنين المعهودين بالإخلاص فى الإيمان والثبات عليه (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ) أى الرسول (بَيْنَهُمْ) لأنه المباشر حقيقة للحكم وإن كان ذلك حكم الله حقيقة وذكر الله تعالى لتفيخمه صلىاللهعليهوسلم والإيذان بجلالة محله عنده تعالى (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) أى فاجأ فريق منهم الإعراض عن المحاكمة إليه صلىاللهعليهوسلم لكون الحق عليهم وعلمهم بأنه صلىاللهعليهوسلم يحكم بالحق عليهم وهو شرح للتولى ومبالغة فيه (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ) لا عليهم (يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) منقادين لجزمهم بأنه صلىاللهعليهوسلم يحكم لهم وإلى صلة ليأتوا فإن الإتيان والمجىء يعديان بالى أو لمذعنين