(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٣٢)
____________________________________
لعدم تمييزهم من الظهور بمعنى الاطلاع أو لعدم بلوغهم حد الشهوة من الظهور بمعنى الغلبة والطفل جنس وضع موضع الجمع اكتفاء بدلالة الوصف (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ) أى ما يحفينه من الرؤية (مِنْ زِينَتِهِنَّ) أى ولا يضربن بأرجلهن الأرض ليتقعقع خلخالهن فيعلم أنهن ذوات خلخال فإن ذلك مما يورث الرجال ميلا إليهن ويوهم أن لهن ميلا إليهم وفى النهى عن إبداء صوت الحلى بعد النهى عن إبداء عينها من المبالغة فى الزجر عن إبداء موضعها مالا يخفى (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً) تلوين للخطاب وصرف له عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الكل بطريق التغليب لإبراز كمال العناية بما فى حيزه من أمر التوبة وأنها من معظمات المهمات الحقيقة بأن يكون سبحانه وتعالى هو الآمر بها لما أنه لا يكاد يخلو أحد من المكلفين عن نوع تفريط فى إقامة مواجب التكاليف كما ينبغى وناهيك بقوله صلىاللهعليهوسلم شيبتنى سورة هود لما فيها من قوله عزوجل فاستقم كما أمرت لا سيما إذا كان المأمور به الكف عن الشهوات وقيل توبوا عما كنتم تفعلونه فى الجاهلية فإنه وإن جب بالإسلام لكن يجب الندم عليه والعزم على تركه كلما خطر بباله وفى تكرير الخطاب بقوله تعالى (أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) تأكيد للإيجاب وإيذان بأن وصف الإيمان موجب للامتثال حتما وقرىء أيه المؤمنون (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) تفوزون بذلك بسعادة الدارين (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) بعد ما زجر تعالى عن السفاح ومباديه القريبة والبعيدة أمر بالكاح فإنه مع كونه مقصودا بالذات من حيث كونه مناطا لبقاء النوع خير مزجرة عن ذلك وأيامى مقلوب أيايم جمع أيم وهو من لا زوج له من الرجال والنساء بكرا كان أو ثيبا كما يفصح عنه قول من قال[فإن تنكحى أنكح وإن تتأيمى * وإن كنت أفتى منكم أتأيم] أى زوجوا من لا زوج له من الأحرار والحرائر (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) على أن الخطاب للأولياء والسادات واعتبار الصلاح فى الأرقاء لأن من لا صلاح له منهم بمعزل من أن يكون خليقا بأن يعتنى مولاه بشأنه ويشق عليه ويتكلف فى نظم مصالحه بما لا بد منه شرعا وعادة من بذل المال والمنافع بل حقه أن يستبقيه عنده وأما عدم اعتبار الصلاح فى الأحرار والحرائر فلأن الغالب فيهم الصلاح على أنهم مستبدون فى التصرفات المتعلقة بأنفسهم وأموالهم فإذا عزموا النكاح فلا بد من مساعدة الأولياء لهم إذ ليس عليهم فى ذلك غرامة حتى يعتبر فى مقابلتها غنيمة عائدة إليهم عاجلة أو آجلة وقيل المراد هو الصلاح للنكاح والقيام بحقوقه (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) إزاحة لما عسى يكون وازعا من النكاح من فقر أحد الجانبين أى لا يمنعن فقر الخاطب أو المخاطوبة من المناكحة فإن فى فضل الله عزوجل غنية عن المال فإنه غاد ورائح يرزق من يشاء من حيث لا يحتسب أو وعد منه سبحانه بالإغناء لقوله صلىاللهعليهوسلم اطلبوا الغنى فى هذه الآية لكنه مشروط بالمشيئة كما فى قوله تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ (وَاللهُ واسِعٌ) غنى ذو سعة لا يرزؤه إغناء الخلائق إذ لا نفاد لنعمته ولا غاية لقدرته مع ذلك (عَلِيمٌ) يبسط